نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 175
بالمسلمين منذ النصف الثاني من خلافة عثمان . ولولا توجيه علي الفكري ، ومواقفه السياسية ، ومواجهته العسكرية للفتنة في شتى مظاهرها الفكرية والسياسية والعسكرية لتشوه الإسلام ، وانمسخ ، وتقلص . ولكن الإمام عليا ، بموقفه الواضح الصريح الرافض لأية مساومة ، كان المنقذ الذي كشف الفتنة ودعاتها ، ووضع المسلمين جميعا أمام الخيار الكبير : مع الفتنة أو ضدها ؟ . ولا يهم بعد ذلك أن الفتنة حازت إلى جانبها جمهورا كبيرا من الناس ، المهم أنها افتضحت ، وبافتضاحها سلم الإسلام من التشوه ومن خطر التزوير ، وكان على الذين انحرفوا أن يجدوا لأنفسهم مبررات . وقد كان توقع نشوء الفتنة ، والخوف منها ومن أفاعيلها وعواقبها ، هاجسا عاما عند المسلمين . يكشف عن ذلك السؤال عنها ، وعن الموقف الصواب منها ، وكثرة حديث الإمام عن أخطارها وملابساتها . وقد كان الإمام علي بروحانيته العالية السامية ، وإسلاميته الصلبة الصافية ، وروحه الرسالية التي تفوق بها على جميع معاصريه ، وحكمته وشجاعته ، وسيرة حياته الناصعة التي ابتدأت بالإسلام . . . كان هو الرجل الوحيد المرصود لمواجهة الفتنة ، وإنقاذ الإسلام منها . لقد أعلمه رسول الله ( ص ) بذلك ، وأدرك هو دوره من خلال رصده لحركة المجتمع التاريخية . وهذا نص عظيم الأهمية يكشف لنا عن الدور المرصود للإمام علي في مواجهة الفتنة ، يتضمن الرؤية النبوية لمستقبل الحركة التاريخية من جهة ، والرؤية النبوية لدور الإمام علي في هذه الحركة . وقد أورد الشريف الرضي هذا النص ، كما أورده ابن أبي الحديد في شرحه ( 9 / 105 - 107 ) برواية الشريف وبرواية أخرى أكثر بسطا . ويبدو أن الرواية الأخرى تقريرية حدث بها الإمام ، ورواية الشريف خطابية ، جاءت جوابا منه على سؤال ، فقد قام إليه رجل - وهو يخطب - فقال : يا أمير المؤمنين : أخبرنا عن الفتنة ، وهل
175
نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 175