نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 412
الفحل لا يقرع أنفه وهذا كلام يقال للخاطب إذا كان على هذه الصفة لأن الفحل اللئيم إذا أراد الضراب ضرب أنفه بالعصا وقد قال ذلك أبو سفيان بن حرب بن أمية عندما بلغه من تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة وقيل له مثلك تنكح نساؤه بغير إذنه فقال ذلك الفحل لا يقرع أنفه والحمار الفاره يفسده السوط وتصلحه المقرعة وأنشد لسلامة بن جندل : إنا إذا ما أتانا صارح فزع * كان الصراخ له قرع الظنابيب وقال الحجاج والله لأعصبنكم عصب السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل وذلك لأن الأشجار تعصب أغصانها ثم تخبط بالعصي لسقوط الورق وهشيم العيدان ودخل أبو مجلز على قتيبة بخراسان وهو يضرب رجالا بالعصي فقال أيها الأمير ان الله قد جعل لكل شيء قدرا ووقت فيه وقتا فالعصي للأنعام والبهائم والسوط للحدود والتعزيز والدرة للأدب والسيف لقتال العدو والقود ثم قال الشرقي دعنا من هذا خرجت من الموصل وأنا أريد الرقة مستخفيا وأنا شاب خفيف الحال فصحبني من أهل الجزيرة فتى ما رأيت بعده مثله فذكر انه تغلبي من ولد عمرو بن كلثوم ومعه مزود وركوة وعصا فرأيته لا يفارقها وطالت ملازمته لها فكدت من الغيظ عليه أرمي بها في بعض الأودية فكنا نمشي فإذا أصبنا دواب ركبناها وإذا لم نصب الدواب مشينا فقلت له في شأن عصاه فقال لي ان موسى بن عمران صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه حين آنس من جانب الطور نارا وأراد الاقتباس لأهله منها لم يأت النار من مقدار تلك المسافة القليلة إلا ومعه عصاه فلما صار بالوادي المقدس من البقعة المباركة قيل له ألق عصاك واخلع نعلك فرمى نعليه راغبا عنهما حين نزه الله ذلك الموضع عن الجلد غير الذكي وجعل الله جماع أمره من أعاجيبه وبرهاناته في عصاه ثم كلمه من جوف شجرة ولم يكلمه من جوف انسان ولا جان قال الشرقي انه ليكثر من ذلك واني لاضحك متهاونا بما يقول فلما برزنا على حمارينا تخلف المكاري فكان حماره يمشي فإذا تلكأ أكرهه بالعصا وكان حماري لا ينساق واعلم انه ليس في يدي شيء يكرهه فسبقني الفتى إلى
412
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 412