نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 406
من هؤلاء الشعوبية ولا أعدى على دينه ولا أشد استهلاكا لعرضه ولا أطول نصبا ولا أقل غنما من أهل هذه النحلة وقد شفى الصدور منهم طول جثوم الحسد على أكبادهم وتوقد نار الشنان في قلوبهم وغليان تلك المراجل الفائرة وتسعر تلك النيران المضطرمة ولو عرفوا أخلاق كل ملة وزي كل لغة وعللهم في اختلاف إشارتهم وآلاتهم وشمائلهم وهيآتهم وما علة كل شيء من ذلك ولم اختلقوه ولم تكلفوه لأراحوا أنفسهم ولخفت مؤونتهم على من خالطهم والدليل على أن أخذ العصا مأخوذ من أصل كريم ومن معدن شريف ومن المواضع التي لا يعيبها إلا جاهل ولا يعترض عليها إلا معاند اتخاذ سليمان ابن داود صلوات الله تعالى وسلامه على نبينا وعليه العصا لخطبته وموعظته ولمقاماته وطول صلاته ولطول التلاوة والانتصاب فجعلها لتلك الخصال جامعة قال الله عز وجل وقوله الحق « فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين » والمنسأة هي العصا وقال أبو طالب حين قام بدم الرجل الذي ضرب زميله بالعصا فقتله حين تخاصما في حبل وتجاذبا : أمن أجل حبل لا أباك علوته * بمنسأة قد جاء حبل وأحبل وقال آخر : إذا دببت على المنساة من كبر * فقد تباعد عنك اللهو والغزل قال أبو عثمان وإنما بدأنا بذكر سليمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام لأنه من أنبياء العجم والشعوبية إليهم أميل وعلى فضائلهم أحرص ولما أعطاهم الله أكثر وصفا وذكرا وقد جمع الله لموسى بن عمران في عصاه من البرهانات العظام والعلامات الجسام ما عسى ان يفي ذلك بعلامات عدة من المرسلين وجماعة من النبيين قال الله تبارك وتعالى فيما يذكر في عصاه « إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما » إلى قوله « ولا يفلح الساحر حيث أتى » فلذلك قال الحسن بن هانئ في شأن خصيب وأهل مصر حين اضطربوا عليه : فان تك من فرعون فيكم بقية * فان عصا موسى بكف خصيب
406
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 406