نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 405
إلى الكلام والى رجز يوم الخطام أو حين ان يمتح على رأس بئر أو يحدو ببعير أو عند المقارعة والمناقلة أو عند صراع أو في حرب فما هو إلا أن يصرف وهمه إلى جملة المذهب والى العمود الذي إليه يقصد فتأتيه المعاني ارسالا وتنثال عليه الالفاظ انثيالا ثم لا يقيده على نفسه ولا يدرسه أحدا من ولده وكانوا أميين لا يكتبون ومطبوعين لا يتكلفون وكان الكلام الجيد عندهم أظهر وأكثر وهم عليه أقدر واقهر وكل واحد في نفسه أنطق ومكانة من البيان أرفع وخطباؤهم أوجز والكلام عليهم أسهل وهو عليهم أيسر من ان يفتقروا إلى تحفظ أو يحتاجوا إلى تدارس وليس هم كمن حفظ علم غيره واحتذى على كلام من كان قبله فلم يحفظوا إلا ما علق بقلوبهم والتحم بصدورهم واتصل بعقولهم من غير تكلف ولا قصد ولا تحفظ ولا طلب وان شيئا من الذي في أيدينا جزء منه لبالمقدار الذي لا يعلمه إلا من أحاط بقطر السحاب وعد التراب وهو الله الذي يحيط بما كان والعالم بما سيكون ونحن أبقاك الله إذا ادعينا للعرب أصناف البلاغة من القصيد والأرجاز ومن المنثور والاسجاع ومن المزدوج وما لا يزدوج فمعنا العلم على أن ذلك لهم شاهد صادق من الديباجة الكريمة والرونق العجيب والسبك والنحت الذي لا يستطيع أشعر الناس اليوم ولا أرفعهم في البيان ان يقول في مثل تلك إلا في اليسير والنبذ القليل ونحن لا نستطيع ان نعلم ان الرسائل التي في أيدي الناس للفرس أنها صحيحة غير مصنوعة وقديمة غير مولدة إذا كان مثل ابن المقفع وسهل بن هارون وأبي عبيد الله وعبد الحميد وغيلان وفلان وفلان لا يستطيعون ان يولدوا مثل تلك الرسائل ويصنعوا مثل ذلك السير وأخرى انك متى أخذت بيد الشعوبي فأدخلته بلاد الاعراب الخلص ومعدن الفصاحة التامة ووقفته على شاعر مفلق أو خطيب مصقع علم ان الذي قلت هو الحق وأبصر الشاهد عيانا فهذا فرق ما بيننا وبينهم فتفهم عني فهمك الله ما أنا قائل في هذا واعلم انك لم تر قوما قط أشقى
405
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 405