نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 22
وقال تعالى « أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين » ولذلك قال النمر بن تولب : وكل خليل عليه الرعاث * والحبلات ضعيف ملق وليس حفظك الله مضرة سلاطة اللسان عند المنازعة وسقطات الخطل يوم إطالة الخطبة بأعظم مما يحدث عن العي من اختلال الحجة وعن الحصر من فوت درك الحاجة والناس لا يعيرون الخرس ولا يلومون من استولى على بيانه العجز وهم يذمون الحصر ويؤنبون العي فان تكلفا مع ذلك مقامات الخطباء وتعاطيا مناظرة البلغاء تضاعف عليهما الذم وترادف عليهما التأنيب ومماتنة العي الحصر للبليغ المصقع في سبيل مماتنة المنقطع المفحم للشاعر المفلق وأحدهما ألوم من صاحبة والألسنة إليه أسرع وليس اللجلاج والتمتام الألثغ والفأفاء وذو الحبسة والحكلة والرتة وذو اللفف والعجلة في سبيل الحصر في خطبته والعي في مناضلة خصومه كما أن سبيل المفحم عند الشعراء والبكىء عند الخطباء خلاف سبيل المسهب الثرثار والخطل المكثار ثم اعلم أبقاك الله أن صاحب التشديق والتقعير والتقعيب من الخطباء والبلغاء مع سماحة التكلف وشنعة التزيد أعذر من عي يتكلف الخطابة ومن حصر يتعرض لأهل الاعتياد والدربة ومدار اللائمة ومستقر المذمة حيث رأيت بلاغة يخالطها التكلف وبيانا يمازحه التزيد إلا أن تعاطي الحصر المنقوص مقام الدرب التام أقبح من تعاطي البليغ الخطيب ومن تشادق الاعرابي القح وانتحال المعروف ببعض الغزارة في المعاني والألفاظ وفي التحبير والارتجال انه البحر الذي لا ينزح والغمر الذي لا يسبر أيسر من انتحال الحصر المنخوب أنه في مسلاخ التام الموفر والجامع المحكك وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال ( إياي والتشادق ) وقال ( أبغضكم إلي الثرثارون المتفيهقون ) وقال ( من بدا جفا ) وعاب الفدادين والمتزيدين في جهارة الصوت وانتحال سعة الاشداق ورحب الغلاصم وهدل الشفاه وأعلمنا أن ذلك في أهل الوبر أكثر وفي أهل المدر أقل فإذا عاب المدري بأكثر مما عاب به الوبري فما ظنك بالمولد القروي والمتكلف البلدي فالحصر المتكلف والعي المتزيد ألوم
22
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 22