responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 23


من البليغ المتكلف لأكثر مما عنده وهو أعذر لأن الشبهة الداخلة عليه أقوى فمن أسوأ حالا أبقاك الله ممن يكون ألوم من المتشدقين ومن الثرثارين المتفيهقين وممن ذكره النبي صلى الله عليه وسلم نصا وجعل النهي عن مذهبه مفسرا وذكر مقته له وبغضه إياه ولما علم واصل بن عطاء انه ألثغ فاحش اللثغ وأن مخرج ذلك منه شنيع وأنه إذ كان داعية مقالة ورئيس نحلة وأنه يريد الاحتجاج على أرباب النحل وزعماء الملل وأنه لا بد من مقارعة الابطال ومن الخطب الطوال وان البيان يحتاج إلى تمييز وسياسة والى ترتيب ورياضة والى تمام الآلة وإحكام الصنعة والى سهولة المخرج وجهارة المنطق وتكميل الحروف وإقامة الوزن وان حاجة المنطق إلى الطلاوة والحلاوة كحاجته إلى الجلالة والفخامة وان ذلك من أكبر ما تستمال به القلوب وتنثني إليه الأعناق وتزين به المعاني وعلم واصل انه ليس معه ما ينوب عن البيان التام واللسان المتمكن والقوة المتصرفة كنحو ما أعطى الله نبيه موسى صلوات الله عليه من التوفيق والتسديد مع لباس التقوى وطابع النبوة ومع المحبة والاتساع في المعرفة ومع هدي النبيين وسمت المرسلين وما يغشيهم الله به من القبول والمهابة ولذلك قال بعض شعراء النبي صلى الله عليه وسلم :
لو لم تكن فيه آيات مبينة * كانت بداهته تنبيك بالخبر ومع ما أعطى الله موسى عليه السلام من الحجة البالغة ومن العلامات الظاهرة والبرهانات الواضحة إلى أن حل الله تلك العقدة ورفع تلك الحبسة وأسقط تلك المحنة ومن أجل الحاجة إلى حسن البيان وإعطاء الحروف حقوقها من الفصاحة رام أبو حذيفة إسقاط الراء من كلامه وإخراجها من حروف منطقة فلم يزل يكابد ذلك ويغالبه ويناضله ويساجله ويتأنى لستره والراحة من هجنته حتى انتظم له ما حاول واتسق له ما أمل ولولا استفاضة هذا الخبر وظهور هذه الحال حتى صار لغرابته مثلا ولظرافته معلما لما استجزنا الاقرار به والتأكيد له ولست أعني خطبه المحفوظة ورسائله المخلدة لأن ذلك يحتمل الصنعة وإنما عنيت محاجة الخصوم ومناقلة الاكفاء ومفاوضة الاخوان

23

نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست