نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 353
لا تسقيان مع الناس ؟ قالتا : ليس لنا قوة تزاحم القوم وإنما ننتظر فضول حياضهم ، فسقى لهما فجعل يغترف [1] من الدلو ماء كثيرا حتى كان أول الرعاء وانصرفتا بغنمهما إلى أبيهما ، وانصرف موسى فاستظل بشجرة وقال : ( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) واستنكر أبوهما سرعة صدورهما بغنمهما حفلا [2] بطانا فقال : إن لكما اليوم لشأنا ، فأخبرتاه بما صنع موسى فأمر إحداهما أن تدعوه ، فأتت موسى فدعته فلما كلمه ( قال : لا تخف نجوت من القوم الظالمين ) ليس لفرعون ولا قومه علينا من سلطان ولسنا في مملكته فقالت إحداهما : ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) [ القصص : 27 ] فاحتملته الغيرة على أن قال لها : ما يدريك ما قوته وما أمانته ؟ فقالت : أما قوته فما رأيت منه في الدلو حين سقى لنا لم أر رجلا قط أقوى في ذلك السقي منه . وأما الأمانة فإنه نظر إلي حين أقبلت إليه وشخصت له ، فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه حتى بلغته رسالتك . ثم قال لي : أمشي خلفي وانعتي لي الطريق فلم يفعل هذا إلا وهو أمين . فسرى عن أبيها وصدقها ، وظن به الذي قالت . فقال له هل لك ( أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين ) [ القصص : 27 ] ففعل فكانت على نبي الله موسى ثمان سنين واجبة ، وكانت السنتان عدة منه ، فقضى الله عنه عدته فأتمها عشرا . قال سعيد - هو ابن جبير - فلقيني رجل من أهل النصرانية من علمائهم ، قال : هل تدري أي الأجلين قضى موسى ؟ قلت : لا . وأنا يومئذ لا أدري . فلقيت ابن عباس فذكرت ذلك له ، فقال : أما علمت أن ثمانية كانت على نبي الله واجبة ، لم يكن نبي الله لينقص منها شيئا ؟ وتعلم أن الله كان قاضيا عن موسى عدته التي وعده ; فإنه قضى عشر سنين . فلقيت النصراني فأخبرته ذلك ، فقال : الذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك ؟ قلت : أجل وأولى . فلما سار موسى بأهله كان من أمر النار والعصى ويده ، ما قص الله عليك في القرآن . فشكا إلى الله تعالى ما يتخوف من آل فرعون في القتيل وعقدة لسانه ، فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام ، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون ، يكون له ردأ ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه ، فأتاه الله عز وجل [ سؤله ] [3] وحل عقدة من لسانه ، وأوحى الله إلى هارون فأمره أن يلقاه . فاندفع موسى بعصاه حتى لقي هارون . فانطلقا جميعا إلى فرعون ، فأقاما على بابه حينا لا يؤذن لهما . ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا : ( إنا رسولا ربك ) فقال : فمن ربكما ؟ فأخبره بالذي قص الله عليك في القرآن . قال : فما تريدان ؟ وذكره القتيل فاعتذر بما قد سمعت ، قال : أريد أن تؤمن بالله وترسل معي بني إسرائيل ، فأبى عليه وقال ( أئت بآية إن كنت من الصادقين ) فألقى عصاه فإذا هي [ حية
[1] في نسخة : يغرف . [2] حفلا بطانا : درت ضروعها وشبعت بطونها . [3] سقطت من النسخ المطبوعة .
353
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 353