نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 352
يعقل ، وإن تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين ، علمت أن أحدا لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل ، فقرب إليه فتناول الجمرتين ، فانتزعهما منه مخافة أن يحرقا يده ، فقالت المرأة ألا ترى ؟ فصرفه الله عنه بعدما كان هم به ، وكان الله بالغا فيه أمره . فلما بلغ أشده وكان من الرجال لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل معه بظلم ولا سخرة ، حتى امتنعوا كل الامتناع . فبينما موسى عليه السلام يمشي في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان أحدهما فرعوني والآخر إسرائيلي . فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فغضب موسى غضبا شديدا لأنه تناوله وهو يعلم منزلته من بني إسرائيل وحفظه لهم [ لا يعلم الناس إلا أنه من الرضاع إلا أم موسى ، إلا أن يكون الله أطلع موسى من ذلك على ] [1] ما لم يطلع عليه غيره . فوكز موسى الفرعوني فقتله ، وليس يراهما أحد إلا الله عز وجل والإسرائيلي فقال موسى حين قتل الرجل ( هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ) [ القصص : 15 ] ثم قال ( رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين فأصبح في المدينة خائفا يترقب ) [ القصص : 16 ] الاخبار فأتي فرعون ، فقيل له : إن بني إسرائيل قتلوا رجلا من آل فرعون ، فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم ، فقال : ابغوني قاتله من يشهد عليه فإن الملك وإن كان صفوة مع قومه ، لا ينبغي له أن يقتل بغير بينة ، ولا ثبت ، فاطلبوا لي علم ذلك آخذ لكم بحقكم ، فبينما هم يطوفون لا يجدون بينة ، إذا موسى من الغد قد رأى ذلك الإسرائيلي يقاتل رجلا من آل فرعون آخر ، فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فصادف موسى قد ندم على ما كان منه وكره الذي رأى ، فغضب الإسرائيلي وهو يريد أن يبطش بالفرعوني ، فقال للإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم ( إنك لغوي مبين ) فنظر الإسرائيلي إلى موسى بعدما قال له ما قال ، فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس الذي قتل فيه الفرعوني فخاف أن يكون بعدما قال له إنك لغوي مبين أن يكون إياه أراد ، ولم يكن أراده ، إنما أراد الفرعوني فخاف الإسرائيلي * وقال : ( يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ) وإنما قال له مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله ، فتتاركا وانطلق الفرعوني فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي من الخبر حين يقول : ( أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ) فأرسل فرعون الذباحين ليقتلوا موسى ، فأخذ رسل فرعون الطريق الأعظم يمشون على هينتهم يطلبون موسى ، وهم لا يخافون أن يفوتهم فجاء رجل من شيعة موسى من أقصى المدينة ، فاختصر طريقا حتى سبقهم إلى موسى فأخبره . وذلك من الفتون - يا ابن جبير - فخرج موسى متوجها نحو مدين لم يلق بلاء قبل ذلك ، وليس له بالطريق علم ، إلا حسن ظنه بربه عز وجل ، فإنه قال ( عسى ربي ان يهديني سواء السبيل . ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان ) يعني بذلك حابستين غنمهما فقال لهما ( ما خطبكما ) معتزلتين
[1] سقطت من النسخ المطبوعة ، واستدركت من مخطوطه بدار الكتب المصرية رقم 2442 وقورنت على حديث النسائي ورواية ابن كثير في التفسير .
352
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 352