نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 235
وأهل مصر وإن كانوا يعبدون الأصنام إلا أنهم يعلمون أن الذي يغفر الذنوب ويؤاخذ بها هو الله وحده لا شريك له في ذلك * ولهذا قال لها بعلها وعذرها من بعض الوجوه لأنها رأت ما لا صبر لها على مثله إلا أنه عفيف نزيه برئ العرض سليم الناحية فقال ( استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ) [1] . ( وقال [2] نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين . فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن . فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم . قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين . قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين . فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم ) [ يوسف : 30 - 34 ] * يذكر تعالى ما كان من قبل نساء المدينة ، من نساء الامراء وبنات الكبراء [3] في الطعن على امرأة العزيز وعيبها ، والتشنيع عليها في مراودتها فتاها ، وحبها الشديد له ، وهو لا يساوي هذا لأنه مولى من الموالي وليس مثله أهلا لهذا ولهذا قلن ( إنا لنراها في ضلال مبين ) أي في وضعها الشئ في غير محله ( فلما سمعت بمكرهن ) أي بتشنيعهن عليها والتنقص لها والإشارة إليها بالعيب والمذمة بحب مولاها وعشق فتاها فأظهرن ذما وهي معذورة في نفس الامر ، فلهذا أحبت أن تبسط عذرها عندهن ، وتبين أن هذا الفتى ليس كما حسبن ، ولا من قبيل ما لديهن فأرسلت إليهن فجمعتهن في منزلها . واعتدت لهن ضيافة مثلهن ، وأحضرت في جملة ذلك شيئا مما يقطع بالسكاكين ، كالأترج ونحوه ، وأتت كل واحدة منهن سكينا ، وكانت قد هيأت يوسف عليه السلام وألبسته أحسن الثياب وهو في غاية طراوة الشباب ، وأمرته بالخروج عليهن بهذه [4] الحالة . فخرج وهو أحسن من البدر لا محالة . ( فلما رأينه أكبرنه ) أي أعظمنه وأجللنه وهبنه [5] وما ظنن أن يكون مثل هذا في بني آدم وبهرهن حسنه
[1] سورة يوسف الآية 29 وفيها : ( واستغفري . . ) رجح الرازي أن يكون القائل هو الشاهد ; ويحتمل أن يكون المراد طلب المغفرة من الزوج أي طلب العفو والصفح ، ويحتمل أن يكون المراد بالاستغفار من الله . لان أولئك الأقوام كانوا يثبتون الصانع ; إلا انهم كانوا يعبدون الأوثان . [2] قوله ( وقال نسوة ) قال الرازي في تفسيره : لم يقل : وقالت نسوة لوجهين : - إن النسوة اسم مفرد لجمع المرأة وتأنبته غير حقيقي فلذلك لم يلحق فعله تاء التأنيث . الثاني - قال الواحدي تقدم الفعل يدعو إلى إسقاط علامة التأنيث على قياس إسقاط علامة التثنية والجمع . [3] قال في تفسير الرازي : قال الكلبي هن أربع : امرأة ساقي العزيز ، وامرأة خبازه ، وامرأة صاحب سجنه - وامرأة صاحب دوابه . وزاد مقاتل : وامرأة الحاجب . [4] في نسخة : في هذه . [5] في قول للرازي : أكبرن بمعنى حضن ، قال الأزهري يقال : أكبرت المرأة إذا حاضت ; وهو أن المرأة إذا خافت وفزعت فربما أسقطت ولدها ; وربما حاضت . وقال : وعندي يحتمل انهن إنما أكبرنه لأنهن رأين عليه نور النبوة وسيما الرسالة ، وآثار الخضوع والاحتشام . وحمل الآية على هذا الوجه أولى . 18 / 127 - 128 .
235
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 235