نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 70
اعلموا أني لم ألتمس بهذه الأحاديث عنه إلا موافقته ، وطلب رضاه ومحبته . ولقد خفت أن أكون عند كثير من الناس دسيسا من قبله ، وكمينا من كمائنه . وذلك أن أحبّ الأصحاب اليه ، أبلغهم قولا في إيأس الناس مما قبله ، وأجودهم حسما لأسباب الطمع في ماله . على أني أحسنت بجهدي ، فسيجعل شكري موقوفا ؛ فإن جاوز كتابي هذا حدود العراق شكر ، وإلا أمسك . لأن شهرته بالقبيح عند نفسه في هذا الإقليم ، وقد أغناه عن التنويه والتنبيه على مذهبه . وكيف ، وهو يرى أن سهل بن هارون وإسماعيل بن غزوان ، كانا من المسرفين ؟ وأن الثوري والكنديّ يستوجبان الحجر ؟ وبلغني أنه قال : لو لم تعرفوا من كرامة الملائكة على اللَّه إلا أنه لم يبتلهم [1] بالنفقة ، ولا بقول العيال : « هات هات » لعرفتم حالهم ومنزلتهم . أجهز على الجرحى : وحدثني صاحب لي قال : دخلت على فلان بن فلان ، وإذا المائدة موضوعة بعد ، وإذا القوم قد أكلوا ، ورفعوا أيديهم ، فمددت يدي لآكل فقال : أجهز على الجرحى ، ولا تعرض للأصحّاء . ( يقول : أعرض للدجاجة التي قد نيل منها ، وللفرخ المنزوع الفخذ ، فأما الصحيح فلا تعرض له . وكذلك الرغيف الذي قد نيل منه ، وأصابه بعض المرق ) . وقال لي هذا الرجل : أكلنا عنده يوما ، وأبوه حاضر ، وبنيّ له يجيء ويذهب . فاختلف مرارا ، كلّ ذلك ، يرانا نأكل . فقال الصبيّ : كم تأكلون ، لا أطعم اللَّه بطونكم ! فقال أبوه ، وهو جدّ الصبي : إبني ، ورب الكعبة .