نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 43
مسألة ، فأجبتنا عن مسألتين . قصة العراقي مع المروزيّ : ومن أعاجيب أهل مرو ما سمعناه من مشيختنا على وجه الدهر ، وذلك : إن رجلا من أهل مرو كان ولا يزال يحجّ ويتّجر ، وينزل على رجل من أهل العراق ، فيكرمه ويكفيه مؤونته . ثم كان كثيرا ما يقول لذلك العراقي : « ليت إني قد رأيتك بمرو ، حتى أكافئك ، لقديم إحسانك ، وما تجدّد لي من البرّ في كل مرّة . فأما ههنا فقد أغناك اللَّه عني » . قال : فعرضت لذلك العراقي ، بعد دهر طويل ، حاجة في تلك الناحية ؛ فكان مما هوّن عليه مكابدة السفر ، ووحشة الاغتراب ، مكان المروزيّ هناك . فلما قدم مضى نحوه في ثياب سفره ، وفي عمامته وقلنسوته [1] وكسائه ، ليحطَّ رحله عنده ، كما يصنع الرجل بثقته ، وموضع أنسه . فلما وجده قاعدا في أصحابه ، أكبّ عليه وعانقه ، فلم يره أثبته ، ولا سأل عنه سؤال من رآه قط . قال العراقي في نفسه : « لعل إنكاره إيّاي لمكان القناع » ؛ فرمى بقناعه ، وابتدأ مساءلته ، فكان له أنكر . فقال : « لعله أن يكون إنما أتي من قبل العمامة » ؛ فنزعها ثم إنتسب ، وجدد مساءلته ، فوجده أشدّ ما كان له إنكارا . قال « فلعله إنما أتي من قبل القلنسوة » ؛ وعلم المروزي أنه لم يبق شيء يتعلق به المتغافل والمتجاهل ، فقال : « لو خرجت من جلدك لم أعرفك » : ترجمة هذا الكلام بالفارسية : « اكرازبوست بارون بيائي نشناستم » [2] .
[1] قلنسوته : من ملابس الرأس . [2] وفي طبعة باريس : « أكران يوست ابارون بياني نستاسم » .
43
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 43