responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 42


تتخذ قنديلا ؛ فإن الزجاج أحفظ من غيره ، والزجاج لا يعرف الرشح ولا النشف ، ولا يقبل الأوساخ التي لا تزول إلا بالدلك الشديد ، أو بإحراق النار ؛ وأيهما ما كان ، فإنه يعيد المسرجة الى العطش الأول .
والزجاج أبقى على الماء والتراب ، من الذهب الإبريز [1] ؛ وهو مع ذلك مصنوع ، والذهب مخلوق ، فإن فضله الذهب بالصلابة ، فضله الزجاج بالصفاء ؛ والزجاج مجلّ ، والذهب ستّار . ولأن الفتيلة إنما تكون في وسطه ، فلا تحمّى جوانبه بوهج المصباح ، كما تحمى بموضع النار من المسرجة . وإذا وقع شعاع النار على جوهر الزجاج ، صار المصباح والقنديل مصباحا واحدا ، وردّ الضياء كل واحد منهما على صاحبه .
واعتبر ذلك بالشعاع الذي يسقط على وجه المرآة ، أو على وجه الماء ، أو على الزجاجة ؛ ثم انظر كيف يتضاعف نوره ؛ وإن كان سقوطه على عين إنسان أعشاه ، وربما أعماه . وقال اللَّه جلّ ذكره : * ( أللهُ نُورُ السَّماواتِ والأَرْضِ ، مَثَلُ نُورِه ِ كَمِشْكاةٍ [2] * ( فِيها مِصْباحٌ ، الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ، الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ ، يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْه ُ نارٌ ، نُورٌ عَلى نُورٍ ، يَهْدِي أللهُ لِنُورِه ِ مَنْ يَشاءُ ) * . والزيت في الزجاجة نور على نور ، وضوء على ضوء مضاعف . هذا مع فضل حسن القنديل على حسن مسارج الحجارة والخزف .
وأبو عبد اللَّه هذا كان من أطيب الخلق ، وأملحهم بخلا ، وأشدهم رياء ، أدخل على ذي اليمينين ، طاهر بن الحسين ، وقد كان يعرفه بخراسان بسبب الكلام ، فقال له : منذ كم أنت مقيم بالعراق ، يا أبا عبد اللَّه ؟ فقال : أنا بالعراق منذ عشرين سنة ، وأنا أصوم الدهر منذ أربعين سنة . قال : فضحك طاهر ، وقال : سألناك يا أبا عبد اللَّه عن



[1] الإبريز : الذهب الخالص الصافي .
[2] مشكاة : كوة في الحائط غير نافذة فيها المصباح أو نحوه .

42

نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست