نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 266
فقال له أنس : « ما أدري من أي أمريك أعجب : أمن صبرك على الضحك ، وقد أورد عليك ما لا يصبر على مثله ، أم من تركك إعطاءه ، وقد كنت عزمت على إعطائه ، وهذا خلاف ما أعرفك به » ؟ قال : « ويلك ! من استرعى الذئب فقد ظلم ، ومن زرع سبخة [1] حصد الفقر . إني واللَّه لو علمت أنه يكتم المعروف بالفعل ، لما احتفلت بنشره له باللسان . وأين يقع مديح اللسان من مديح آثار الغنى على الإنسان . فاللسان قد يكذب ، والحال لا تكذب . للَّه در نصيب حيث يقول : < شعر > فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب < / شعر > أعلمت أن ناووس أبرويز [2] امدح له من شعر زهير لآل سنان بن أبي حارثة [3] ؛ لأن الشاعر يكذب ويصدق ، وبنيان المراتب لا يكذب مرة ويصدق مرة . فلست بعائد إلى هذا بمعروف أبدا . كان الأصمعي يتعوّذ باللَّه من الإستقراض والإستفراض [4] ، فأنعم اللَّه عليه ، حتى صار هو المستقرض منه ، والمستفرض ما عنده . فاتفق أن أتاه في يوم واحد رجلان ، وكان أحدهما يطلب الفرض ، والآخر يطلب القرض ، هجما عليه معا ، فأبعله ذلك وملأ صدره ثم أقبل على صاحب السلف ، فقال : تتبدّل الأفعال بتبّدل الحال . ولكلّ زمان تدبير ولكل شيء مقدار ، واللَّه
[1] السبخة : أرض ذات نزّ . [2] هو ابن هرمز احد ملوك الفرس . والناووس : القبر . [3] زهير : هو الشاعر زهير بن ابي سلمى المزني حكيم الشعراء في الجاهلية . وسنان : هو سنان بن ابي الحارثة المرّي ، احد اجواد العرب في الجاهلية . [4] الاستقراض : اي طلب قرضا . والاستفراض : طلب الفرض اي ما يفرض على النفس من عطاء .
266
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 266