نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 267
في كل يوم شأن . كان الفقيه يمر باللقطة [1] فيتجاوزها ولا يتناولها ، كي يمتحن بحفظها سواه ، إذ كان جلّ الناس في ذلك الدهر يؤدون الأمانة ويحوطون اللقطة ، فلما تبدّلوا وفسدوا ، وجب على الفقيه إحرازها والحفظ لها ، وأن يصبر على ما نابه من المحنة واختبر به من الكلفة . وقد بلغني أن رجلا أتى صديقا له يستقرض منه مالا ، فتركه بالباب ، ثم خرج اليه ، مؤتزرا [2] . فقال له : مالك ؟ قال : جئت للقتال واللطام والخصومة والصخب . قال : ولم ؟ قال : لأنك في أخذ مالي بين حالين : إما أن تذهب به ، وإما أن تمطلني به . فلو أخذته ، على طريق البرّ والصلة ، لا عتددت عليك بحق ، ولوجب عليك به شكر . وإذا أخذته من طريق السلف ، كانت العادة في الديون والسيرة في الإسلاف الرد أو التقاضي . وإذا تقاضيتك أغضبتك أسمعتني ما أكره ، فتجمع عليّ المطل وسوء اللفظ والوحشة وإفساد اليد في الإسلاف ، وأنت أظلم . فأغضب كما غضبت ، فإذا نقلتني إلى حالك فعلت فعلك ، وصرت أنا وأنت كما قال العربي : « أنا تئق وصاحبي مئق » [3] . فما ظنّك بتئق من الغيظ مملوء من الغضب ، لأني متأق من الموق [4] مملوء من الكفران . ولكني أدخل الى المنزل فأخرج اليك مؤتزرا ، فأعجّل لك اليوم ما ادّخرته الى غد . وقد علمت أن ضرب الموعظة دون ضرب الحقد والسخيمة [5] ، فتربح صرف ما بين الألمين ، وفضل ما بين الشتمين . وبعد ، فأنا أضنّ [6] بصداقتي لك ، وأشح على نصيبي منك ، من أن
[1] اللقطة : ما يلتقطه الانسان في طريقه من اشياء ذات قيمة . [2] مؤتزرا : ائتزر : لبس الإزار حول الوسط . [3] التئق : الممتلىء غضبا وغيظا . [4] الموق : الحمق في غباوة . [5] السخيمة : الحقد . [6] أضن : ابخل ، اشح .
267
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 267