نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 249
نفسك من ثقتك ، ولا أولى بأخذ الحذر . منه من أمينك ، اختطفت اختطافا واستلبت استلابا وذوّبوا مالك وتحيّفوه [1] ، وألزموه السل ولم يداووه . وقد قالوا : تلَّى المال ربه وإن كان أحمق ، فلا تكونّن دون ذلك الأحمق . وقالوا : لا تعدم امرأة صناع ثلة [2] ، فلا تكونن دون تلك المرأة . وقد قال الأول في المال المضيّع المسلَّط عليه شهوات العيال : ليس لها راع ولكن حلبة [3] . وليس مالك المال المعفى من الأضراس ، فيقال فيه : مرعى ولا أكولة ، وعشب ولا بعير . فقصاراك مع الإصلاح أن يقوم بملء بطنك وبحقائقك ، وبما ينوبك . ولا يقال للمال على قلة الرعي وكثرة الحلب ؛ فكس في أمرك [4] ، وتقدّم في حفظ مالك ، فإنّ من حفظ ماله فقد حفظ الأكرمين . والأكرمان بالدين والعرض . وقد قيل : « للرمي يراش السهم [5] . وعند النطاح تغلب القرناء » [6] . وإذا رأت العرب مستأكلا وافق غمرا [7] قالت : « ليس عليك نسجه ، فاسحق وخرّق [8] » . وقد قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : الناس كلَّهم سواء كأسنان المشط ، والمرء كثير بأخيه . ولا خير لك في صحبة من لا يرى لك مثل ما يرى لنفسه . فتعرّف شأن أصحابك ، ومعنى جلسائك ؛ فإن كانوا في هذه الصفة فاستعمل الحزم ، وإن كانوا في خلاف ذلك عملت على حسب ذلك . إني لست آمرك إلا بما أمرك به القرآن : ولست أوصيك إلا بما أوصاك به
[1] تحيّفوه : تنقصوه . والحيفة : الناحية . [2] امرأة صناع ثلة : يعني امرأة حاذقة تغزل الصوف . [3] حلبة : جمع حالب . وفي نسخ أخرى خليّة بدل حلبة . [4] كس في امرك : كن فطنا . [5] اي يلصق الريش على السهم تحضيرا للرمي والمراد : ان يستعد الانسان لأمر ما قبل حدوثه . [6] القرناء : ذات القرن . [7] الغمر : الذي لم يجرب الأمور سبق شرحه . [8] اسحق وخرق : سحق : ابلى . وخرق : مزق .
249
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 249