نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 248
قالوا : « خير مالك ما نفعك » ، ولذلك قالوا : « لم يذهب من مالك ما وعظك » . إن المال محروص عليه ، ومطلوب في قعر البحار وفي رؤوس الجبال وفي دغل الغياض [1] ، ومطلوب في الوعورة كما يطلب في السهولة ، وسواء فيها بطون الأودية وظهور الطرق ومشارق الأرض ومغاربها . فطلبت بالعز وطلبت بالذل ، وطلبت بالوفاء وطلبت بالغدر ، وطلبت بالنسك كما طلبت بالفتك [2] ، وطلبت بالصدق وطلبت بالكذب ، وطلبت بالبذاء وطلبت بالملق . فلم تترك فيها حيلة ولا رقية ، حتى طلبت بالكفر باللَّه كما طلبت بالإيمان ، وطلبت بالسخف كما طلبت بالنّبل . فقد نصبوا الفخاخ بكل موضع ، ونصبوا الشرك بكل ريع [3] . وقد طلبك من لا يقصّر دون الظفر ، وحسدك من لا ينام دون الشفاء . وقد يهدأ الطالب الطوائل [4] ، والمطلوب بذات نفسه ، ولا يهدأ الحريص . يقال إنه ليس في الأرض بلدة واسطة ، ولا نائية شاسعة ، ولا طرف من الأطراف ، إلا وأنت واجد بها المديني والبصري والحيري [5] ، وقد ترى شنف [6] الفقراء للأغنياء ، وتسرّع الرغبة الى الملوك ، وبغض الماشي للراكب ، وعموم الجسد في المتفاوتين . فإن لم تستعمل الحذر ، وتأخذ بنصيبك من المداراة ، وتتعلم الحزم وتجالس أصحاب الإقتصاد ، وتعرّف الدهور ودهرك خاصة ، وتمثل لنفسك الغير حتى تتوهّم نفسك فقيرا ضائعا ، وحتى تتهم شمالك على يمينك ، وسمعك على بصرك ، ولا يكون أحد اتهم عند
[1] دغل الغياض : الشجر الكثيف الملتف . [2] الفتك : الفجور . [3] الريع : المسلك ، الطريق . [4] الطوائل : جمع طائلة ، وهي الثأر . [5] منسوبة الى المدينة ، والبصرة ، والحيرة . [6] شنف : نظرة البغض .
248
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 248