نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 214
تتركه يلهث » . وكان ينبغي في هذا القياس أن يكون المراوزة [1] ، أعقل البرية وأهل خراسان أدرى البرية . ونحن لا نجد الجواد يفر من اسم السّرف الى الجود ، كما نجد البخيل يفرّ من اسم المتهوّر [2] ، والمستحي يفرّ من اسم الخجل . ولو قيل لخطيب ثابت الجنان : « وقاح » [3] لجزع . فلو لم يكن من فضيلة الجود إلا أن جميع المتجاوزين لحدود أصناف الخير يكرهون اسم تلك الفضلة إلا الجواد ، لقد كان في ذلك ما يبين قدره ، ويظهر فضله . المال فاتن ، والنفس راغبة ، والأموال ممنوعة ، وهي على ما منعت حريصة ، وللنفوس في المكاثرة [4] علة معروفة ، ولأن من لا فكرة له ولا رويّة ، موكَّل بتعظيم ذي الثروة ، وإن لم يكن منه مناله [5] . وقد قال الأول : < شعر > وزادها كلفا بالحبّ أن منعت أحبّ شيء إلى الإنسان ما منعا [6] < / شعر > وفي بعض كتب الفرس : « كلّ عزيز تحت القدرة فهو ذليل » ، وقالت معاذة العدوية [7] : « كل مقدور عليه ، فمقلَّو [8] أو محقور » . ولو كانوا لأولادهم يجمعون ، ولهم يكدون ، ومن أجلهم يحرصون ، لجعلوا لهم كثيرا مما يطلبون ، ولتركوا محاسبتهم في كثير مما يشتهون . وهذا بعض ما بغّض بعض المورثّين الى الوارثين ، وزهّد الأخلاف في طول عمر الأسلاف .
[1] المراوزة : اهل مرو . اشهر مدن خراسان . جمع مروزي . [2] المتهوّر : من يقع في الأمر بقلة مبالاة . [3] الوقاح : وقح ، قليل الحياء . [4] المكاثر : المغالبة في الاكثار . [5] منال : من نال اي العطاء . [6] لعل الضمير في « زادها » عائد الى النفس . اي ان الانسان يرغب كل ما يحجب عنه وورد البيت نفسه في « لسان العرب » زاده كلفا في الحب ان منعت الخ . [7] هي بنت عبد اللَّه العدويّ كنيت بأم الصّهباء روت عن علي وعائشة . [8] مقلوّ : أبغضه بغضا شديدا .
214
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 214