نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 215
ولو كانوا لأولادهم يمهدون ، ولهم يجمعون ، لما جمع الخصيان الأموال ، ولما كنز الرهبان الكنوز ، ولا ستراح العاقر من ذلّ الرغبة ، ولسلم العقيم [1] من كدّ الحرص . وكيف ونحن نجده بعد أن يموت ابنه الذي كان يعتلّ به ، والذي من أجله كان يجمع ، على حاله في الطلب والحرص ، وعلى مثل ما كان عليه من الجمع والمنع . والعامة لم تقصر في الطلب ، والحكرة [2] والبخلاء لم يحدّوا شيئا من جهدهم ، ولا أعفوا بعد قدرتهم ، ولا قصرّوا في شيء من الحرص والحصر ، لأنهم في دار قلعة ، وبعرض نقلة [3] . حتّى لو كانوا بالخلود موقنين ، لأغفلوا تلك الفضول . فالبخيل مجتهد ، والعاميّ غير مقصّر . فمن لم يستعن على ما وصفنا ، بطبيعة قوية ، وبشهوة شديدة ، وبنظر شاف ، كان إما عامّيا ، وإما شقيّا ، فيقيم اعتلالهم بأولادهم ، واحتجاجهم بخوف التلَّون من أزمنتهم . قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لوافد كذب عنده كذبة ، وكان جوادا : « لو لا خصلة ومقك [4] اللَّه عليها ، لشرّدت بك من وافد قوم » . وقيل للنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : « هل لك في بيض النساء ، وأدم [5] الإبل » ؟ قال : « ومن هم » ؟ قيل : « بنو مدلج » [6] . قال : « يمنعني من ذاك قراهم الضيف ، وصلتهم الرحم » . وقال لهم أيضا : « إذا نحروا ثجّوا [7] ، وإذا لبّوا عجّوا [8] » . وقال للأنصار : « من سيّدكم » ؟ قالوا : « جد [9] بن قيس ، على أنه يزنّ [10] فينا ببخل » . فقال : « وأي داء أدوى
[1] العاقر : المرأة التي لا تلد العقيم : الرجل الذي لا يولد له ولد . [2] الحكرة : مستغلو الشيء . [3] دار قلعة ، وبعرض نقله ، اي أنهم في دار فانية زائلة منتقلة . [4] ومقك : احبك . [5] الأدم : جمع آدم وادماء . والأدمة في الابل : لون مشرب سوادا أو بياضا . [6] بنو مدلج : قبيلة من كنانة . [7] ثجّوا : أسالوا دماء الذبائح . [8] التلبية في الحج كقولهم : لبيك اللهم لبيك وعجّوا : صاحوا بصوت عال . [9] ورد الاسم في العقد الفريد : الحر بن قيس بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري . [10] يزنّ : يتهم .
215
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 215