نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 212
أكلب [1] ، لأنهم أقلّ توكَّلا وأ سوأ باللَّه ظنا . والجواد إما أن يكون متوكَّلا ، وإما أن يكون أحسن باللَّه ظنا . وهو على كل حال بالمتوكل أشبه ، وإلى ما أشبهه أنزع [2] ، وكيفما دار أمره ، ورجعت الحال به ، فليس ممّن يتّكل على حزمه ، ويلجأ إلى كيسه [3] ، ويرجع إلى جودة إحتياطه ، وشدّة احتراسه . واعتلال البخيل بالحدثان [4] ، وسوء الظنّ بتقلَّب الزمان ، إنما هو كناية عن سوء الظنّ بخالق الحدثان وبالذي يحدث ، وأهل الزمان . وهل تجري الأحداث إلَّا على تقدير المحدث لها ، وهل تختلف الأزمنة [5] إلَّا على تصريف من دبّرها ؟ أولسنا وإن جهلنا أسبابها ، فقد أيقّنا بأنها تجري إلى غاياتها ؟ والدليل على أنه ليس بهم خوف الفقر ، وأن الجمع والمنع إما أن يكون عادة منهم أو طبيعة فيهم ، إنك قد تجد الملك بخيلا ، ومملكته أوسع ، وخرجه أدرّ [6] ، وعدوة أسكن ، وتجد أحزم منه جوادا ، وإن كانت مملكته أضيق ، وخرجه أقل ، وعدوّه أشدّ حركة . وقد علمنا أن الزنج أقصر الناس فكرة وروية ، وأذهلهم عن معرفة العاقبة . فلو كان سخاؤهم إنما هو لكلال حدّهم [7] ونقص عقولهم وقلة معرفتهم ، لكان ينبغى لفارس أن تكون أبخل من الروم ، وتكون الروم أبخل من الصّقالبة [8] . وكان ينبغي للرجال ، في الجملة ، أن يكونوا
[1] الجوائح عليهم اكلب : الجوائح : البلايا . اكلب : أقوى واشد . [2] الضمير في أشبهه يعود الى المتوكّل . انزع : نزوع النفس الى شيء ميلها اليه . [3] يحكم عقله وفطنته . [4] الحدثان : ويلات الدهر . والمعنى : إصطناع العلل والأعذار . [5] تبدّل الاحوال وتقلبها . [6] الخرج : الغلة . أدر : اكثر وفرة . من درّ . [7] كلال الحد : اصله في السيف والسكين . والمراد هنا ضعفهم وقلة فطنتهم . [8] الصقالبة : جيل تتاخم بلادهم بلاد الخزر في الروسيا . وبحر الخزر وهو بحر قزوين . والصقالبة يسمون اليوم بالسّلاف .
212
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 212