نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 210
ويبغضون ، بفضل بغضه [1] ، ولده ، ويحتقرون ، بفضل احتقارهم له ، رهطه ، ويضيفون اليه من نوادر اللؤم ما لم يبلغه ، ومن غرائب البخل ما لم يفعله ، وحتى ضاعفوا عليه من سوء الثناء ، بقدر ما ضاعفوا للجواد من حسن الثناء . وعلى أنا لا نجد الجوائح [2] الى أموال الأسخياء أسرح منها إلى أموال البخلاء ، ولا رأينا عدد من افتقر من البخلاء أقلّ . والبخيل عن الناس ليس هو الذي يبخل على نفسه فقط ، فقد يستحق عندهم اسم البخل ، ويستوجب الذمّ ، من لا يدع لنفسه هوى إلا ركبه ، ولا حاجة إلا قضاها ، ولا شهوة إلا ركبها وبلغ فيها غايتها . وإنما يقع عليه اسم البخيل إذا كان زاهدا في كلّ ما أوجب الشكر ، ونوّه بالذكر ، وأذخر الأجر . وقد يعلَّق [3] البخيل على نفسه من المؤن ، ويلزمها من الكلف ، ويتّخذ من الجواري والخدم ، ومن الدّواب والحشم ، ومن الآنية العجيبة ، ومن البزّة الفاخرة والشارة الحسنة ، ما يربي [4] على نفقة السخيّ المثري ، ويضعف على جود الجواد الكريم . فيذهب ماله وهو مذموم ، ويتغير حاله وهو ملوم . وربما غلب عليه حبّ القيان [5] ، واستهتر بالخصيان [6] ، وربما أفرط في حبّ الصيد ، واستولى عليه حبّ المراكب . وربما كان اتلافه في العرس والخرس [7]
[1] بفضل بغضه : بسبب زيادة بغضه . [2] الجوائح : جمع جائحة : الآفة . [3] يعلَّق : يكلف نفسه . [4] ما يربي : ما يزيد . [5] القيان : مفردها القينة : الأمة البيضاء مغنية ام غير مغنية . [6] استهتر بالخصيان : استهتر : اولع بهم . الخصيان : جماعة من الرقيق يستخدمون في دور النساء خاصة . ويقال إن معاوية اول من اتخذ الخصيان لخدمته . [7] الخرس : وليمة تقام احتفاء بالولادة .
210
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 210