نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 132
لقد كان رفع يده ولم ينتظر غيره . ولذلك قال أبو الحارث جمّين ، حين رآه لا يمس : « هذا المدفوع عنه » . ولو لا أنه على ذلك شاهد الناس ، لما قال ما قال . ولقد كانوا يتحامون بيضة البقيلة [1] ، ويدعها كل واحد منهم لصاحبه حتى أن القصعة [2] لقد كانت ترفع البيض خاصة لعلى حاله وأنت اليوم إذا أردت أن تمتع عينك بنظرة واحدة منها ، ومن بيض السّلاءة [3] لم تقدر على ذلك . لا جرم لقد كان تركه ناس كثير ، ما بهم إلا أن يكونوا شركاء من ساءت رعته . وكان يقول : الآدام [4] أعداء للخبز . وأعداها له المالح . فلو لا أن اللَّه انتقم منه وأعان عليه بطلب صاحبه الماء وإكثاره منه ، لظننت أنه سيأتي على الحرث والنسل . وكان مع هذا يقول : لو شرب الناس الماء على الطعام ما اتخموا ، وأقلهم عليه شربا أكثرهم تخما [5] . وذلك أن الرجل لا يعرف مقدار ما أكل حتى ينال من الماء . وربما كان شبعان وهو لا يدري . فإذا ازداد على مقدار الحاجة بشم [6] . وإذا نال من الماء شيئا بعد شيء ، عرّفه ذلك مقدار الحاجات ، فلم يزد إلا بقدر المصلحة . والأطباء يعلمون أن ما أقول حق ، ولكنهم يعلمون أنهم لو أخذوا بهذا الرأي لتعطَّلوا ، ولذهب المكسب . وما حاجة الناس الى المعالجين إذا صحّت أبدانهم ؟ وفي قول جميع الناس أن ماء دجلة أمرأ [7] من الفرات وأن ماء مهران أمرأ من ماء نهر بلخ ، وفي قول العرب : « هذا ماء نمير
[1] بيضة البقيلة : قطعة من اللحم توضع عليها بيضة مع بعض الخضار . [2] القصعة : الصحفة من خشب تتخذ للأكل . [3] السلاءة : السمن الخالص او نحوه . طائر أغبر اللون طويل الرجلين . [4] الآدام : ما يجعل مع الخبز فيطيبه . [5] تخما : الكثرة في الأكل . [6] بشم : أتخم . [7] أمرأ : سريع الهضم . اهنأ
132
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 132