نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 129
الصدر ، وفي ذلك موت الشهوة وتسكين الحركة . ولو أن رجلا جلس على بيدر تمر فائق ، وعلى كدس كمثّري [1] منعوت ، وعلى مائة قنو موز [2] موصوف ، لم يكن أكله إلا على قدر استطرافه ، ولم يكن أكله على قدر أكله إذا أتي بذلك في طبق نظيف ، مع خادم نظيف ، عليه منديل نظيف . وبعد ، فأصحابنا آنسون واثقون مسترسلون ، يعلمون أن الطعام لهم اتّخذ ، وأن أكلهم له أوفق من تمزيق الخدم والأتباع له . ولو احتاجوا لدعوا به ، ولم يحتشموا منه ، ولكان لا أقلّ من أن يجرّبوا ذلك المرة والمرتين ، وأن لا يقضوا علينا بالبخل دون أن يروناه . فإن كانوا محتشمين وقد بسطناهم ، وشاء ظنّهم بنا مع ما يرون من الكلفة لهم ، فهؤلاء أصحاب تجنّ وتترّع [3] . وليس في طاقتي إعتاب المتجنّي ولا رد المتترّع . قلت له : إني قد رأيت أكلهم في منازلهم وعند إخوانهم ، وفي حالات كثيرة ومواضع مختلفة ، ورأيت أكلهم عندك ، فرأيت شيئا متفاوتا وأمرا متفاقما . فاحسب أن التجنّي عليهم غالب ، وأن الضعف لهم شامل ، وأن سوء الظن يسرع إليهم خاصة ، لم لا تداوي هذا الأمر بما لا مؤونة فيه بالشيء الذي لا قدر له ، أو تدع دعاءهم والإرسال إليهم والحرص على إجابتهم ؟ والقوم ليس يلقون أنفسهم عليك ، وإنما يجيئونك بالإستحباب منك . فإن أحببت أن تمتحن ما أقول ، فدع مواترة [4] الرسل والكتب ، والتغضّب عليهم إذا أبطؤوا ، ثم انظر . قال : فان الخبز إذا كثر على الخوان فالفاضل مما يأكلون لا يسلم من