responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 128


الخبز وكثرته كثير ربح . والناس يبخلون من قلّ عدد خبزه ، ورأوا أرض خوانه . وعلى أني أرى جماجم من يأكل معك أكثر من عدد خبزك . وأنت لو لم تتكلَّف ، ولم تحمل على مالك بإجادته والتكثير منه ، ثم أكلت وحدك ، لم يلمك الناس ، ولم يكترثوا لذلك منك ، ولم يقضوا عليك بالبخل ولا بالسخاء ، وعشت سليما موفورا ، وكنت كواحد من عرض الناس [1] . وأنت لو لم تنفق الحرائب [2] وتبذل المصون [3] ، إلا وأنت راغب في الذكر والشكر ، وإلا لتحرز الأجر ، فقد صرنا لقلة عدد خبزك من بين الأشياء ، نرضى لك الغنيمة بالإياب ، ومن غنم الحمد والشكر ، بالسلامة من الذم واللوم . فزد في عدد خبزك شيئا ، فإنّ بتلك الزيادة القليلة ينقلب ذلك اللوم شكرا وذلك الذم حمدا . أعلمت أنك لست تخرج من هذا الأمر بعد الكلفة العظيمة سالما ، لا لك ولا عليك ؟ فانظر في الأمر رحمك اللَّه ! قال : يا أبا عثمان ، أنت تخطيء ، وخطأ العاقل أبدا يكون عظيما ، وإن كان في العذر قليلا . لأنه إذا أخطأ أخطأ بنيقة وإحكام [4] . فعلى قدر التفكَّر والتكلَّف يبعد من الرشاد [5] ويذهب عن سبيل الصواب .
وما أشك أنك قد نصحت بمبلغ الرأي منك . ولكن خف ما خوّفتك ، فإنه مخوف . بل الذي أصنع أدلّ على سخاء النفس بالمأكول ، وأدل على الاحتيال ليبالغوا ؛ لأن الخبز إذا كثر على الموائد ، ورّث ذلك النفس صدودا [6] ، وكل شيء من المأكول وغير المأكول ، إذا ملأ العين ، ملأ



[1] أي كنت كواحد من وسط الناس .
[2] الحرائب : المال الذي يقوّم الرجل به امره .
[3] تبذل المصون : تنفق كل ما هو هام ونفيس .
[4] بنيقة وإحكام : بلباقة وحسن تصرّف .
[5] الرشاد : العقل ، الفطنة .
[6] صدودا : الامتناع عن طلب الطعام .

128

نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست