نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 172
يدخلوا في السواقي ، فيدخلوا أيديهم في جحرة الشلابي والرمان [1] . فإن أصبنا من السمك شيئا ، جعله كبابا على نار الخبز تحت الطابق ، حتى لا يحتاج من الحطب إلى كثير . فلا نزال منذ غدوة إلى الليل في كدّ وجوع انتظار . ثم لا يكون عشاؤنا إلا خبز أرزّ أسود غير منخول بالشلابي . ولو قدر على غير ذلك فعل » . قلت له : « فلم لا يتخذ موضع مرازّ [2] من بعض رقاق أرضه ، فيبذر لكم الأرز ثم يكون الخيار في يده ، إن أراد أن يعجّل عليكم الطعام أطعمكم الفرد ، أو إن أحبّ أن يتأنّى ليطعمكم الجوهريّ » . قال : واللَّه لئن سمع هذا وسرفه ليتكلَّفنّه . اللَّه اللَّه فينا ، فإنا قوم مساكين ، ولو قدرنا على شيء لم نحتمل هذا البلاء . اسماعيل بن غزوان حدّثني المكَّي قال : بتّ عند إسماعيل بن غزوان ، وإنما بيّتني عنده حين علم أني تعشّيت عند مويس ، وحملت معي قربة نبيذ ، فلمّا مضى من الليل أكثره ، وركبني النوم ، جعلت فراشي البساط ومرفقتي يدي [3] . وليس في البيت إلا مصلَّى له ، ومرفقة ومخدّة . فأخذ المخدّة فرمى بها إليّ ، فأبيتها [4] ورددتها عليه ، وأبي وأبيت . فقال : « سبحان اللَّه ! يكون أن تتوسّد مرفقك ، وعندي فضل مخدّة » ؟ فأخذتها فوضعتها تحت خدّي . فمنعني من النوم إنكاري للموضع ، ويبس فراشي . وظنّ أني قد نمت ، فجاء قليلا قليلا ، حتى سلّ المخدّة من تحت رأسي . فلما رأيته قد مضى بها ، ضحكت وقلت : « قد كنت عن هذا غنيا » ! قال : « إنّما جئت لأسوّي رأسك » .
[1] الشلابي والرمان : انواع من السمك . [2] مرازّ : المحل الذي يجمع فيه الأرزّ . [3] أي جعل يده وسادته ، ومتكأ له . [4] ابيتها : رفضتها .
172
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 172