ثم يصيح : يا غرير أجياد [1] ، يا غرير أجياد ! فيقول له الحميريّ المجلود معه : ألا تدعنا ! ألا ترى ما نحن فيه من البلاء ! يعني بقوله : يا غرير ، الحصين بن غرير الحميريّ المجلود معه ، وكان صديقا للعرجيّ وخليطا . وذكر إسحاق تمام هذه الأبيات وأوّلها : < شعر > وكم من كاعب حوراء بكر ألوف السّتر واضحة التّراقي [2] بكت جزعا وقد سمرت [3] كبول [4] وجامعة [5] يشدّ بها خناقي / على دهماء مشرفة سموق [6] ثناها [7] القمح مزلقة [8] التّراقي عليّ عباءة بلقاء ليست مع البلوى تغيّب نصف ساقي كأنّ على الخدود وهنّ شعث سجال [9] الماء يبعث في السّواقي فقلت تجلَّدا وحلفت صبرا أبالي اليوم [10] ما دفعت [11] مآقي [12] سينصرني الخليفة بعد ربّي ويغضب حين يخبر عن مساقي وتغضب لي بأجمعها قصيّ قطين البيت والدّمث الرّقاق بمجتمع السّيول إذ تنحّى لئام الناس في الشّعب العماق < / شعر > قال : فكان إذا أنشد هذا البيت التفت إلى ابن غرير فصاح به : يا غرير أجياد ، يا غرير أجياد ! يعني بني مخزوم ، وكانت منازلهم في أجياد ، فعيرّهم بأنهم ليسوا من أهل الأبطح . وقال الزّبير في خبره ووافقه إسحاق فذكر أنّ رجلا مرّ بالعرجيّ وهو واقف على البلس ومعه ابن غرير وقد جلدا وحلقا وصبّ الزيت على رؤسهما وألبسا عباءتين واجتمع الناس ينظرون إليهما . قال : وكان الرجل صديقا
[1] قال أبو القاسم الخوارزمي : أجياد : موضع بمكة يلي الصفا . وقد تقدّم في الحاشية ( رقم 2 ص 111 ) من هذا الجزء أنه إنما سمى بذلك لأن تبّعا لما قدم مكة ربط خيله فيه فسمّى بذلك . وقال السهيليّ : إنه لم يسم بأجياد الخيل لأن جياد الخيل لا يقال فيها أجياد ، وإنما أجياد جمع جيد . وذكر أصحاب الأخبار : أن مضاضا ضرب في ذلك الموضع أجياد مائة رجل من العمالقة ؛ فسمى ذلك الموضع بأجياد لذلك . وردّ ذلك بأن الجوهريّ حكى أن العرب تجمع جوادا على أجياد . [2] التراقي : جمع ترقوة وهي مقدّم الحلق في أعلى الصدر حيثما يترقى فيه النفس . [3] سمرت : شدّت . [4] الكبول : جمع كبل وهو القيد . وفي ت : « كبولى » . [5] الجامعة هنا : الغل . [6] كذا في أكثر النسخ ، وهو صيغة مبالغة من سمق الشيء فهو سامق إذا علا وارتفع . وفي م ، ء : « بسوق » وبسق الشيء من هذا المعنى أيضا . وفي ت : « سبوق » . [7] في م ، ء : « بناها القمح » . [8] في ت : « مولعة التراقي » . وفي أ ، ب ، س : « مزلفة التراقي » . وفي م ، ء : « مزلفة البراقي » . وفي ح : « ثناها عن مولعة البراق » . ولم يظهر لنا فيها معنى نطمئن إليه . [9] كذا في أكثر النسخ . والسجال : جمع سجل وهو الدلو العظيمة مملوءة . وفي ت : « سجال الدمع » . [10] في ب ، س ، ح : « إلى ذا اليوم » . [11] كذا في ت . وفي أ ، ء ، م : « دمعت » . يريد لا أبالي اليوم بما دفعته أو دمعته عيناي من الدموع . وفي ب ، س ، ح : « رفعت » . [12] المآقي : جمع مؤق بوزن مؤت ، ومؤقى العين كمؤقها ومأقها : حرفها الذي يلي الأنف .