سلطان . فمكث في حبسه نحوا من تسع سنين حتى مات فيه . روايات أخرى في سبب الخصومة بين محمد بن هشام والعرجيّ وذكر إسحاق في خبره عن أيّوب بن عباية ووافقه عمر بن شبّة ومحمد بن حبيب : أن السبب في ذلك أنّ العرجيّ لاحى [1] مولى كان لأبيه فأمضّه [2] العرجيّ ، فأجابه المولى بمثل ما قاله له . فأمهله حتى إذا كان الليل أتاه مع جماعة من مواليه وعبيده فهجم عليه في منزله وأخذه وأوثقه كتافا [3] ، ثم أمر عبيده أن ينكحوا امرأته بين يديه ففعلوا ، ثم قتله وأحرقه بالنار . فاستعدت امرأته على العرجيّ محمد بن هشام فحبسه . وذكر الزبير في خبره عن الضّحّاك بن عثمان : أنّ العرجيّ كان وكلّ بحرمه [4] مولى له يقوم بأمورهنّ ، فبلغه أنه يخالف إليهنّ ، فلم يزل يرصده حتى وجده يحدّث بعضهنّ ، فقتله وأحرقه بالنار . فاستعدت عليه امرأة المولى محمد بن هشام المخزوميّ وكان واليا على مكة في خلافة هشام ، وكان العرجيّ قد هجاه قبل ذلك هجاء كثيرا لمّا ولَّاه هشام الحجّ فأحفظه . فلَّما وجد عليه سبيلا ضربه وأقامه على البلس للناس [5] ، وسجنه حتى مات في سجنه . وذكر الزّبير أيضا في خبره عن عمّه وغيره أنّ أشعب كان حاضرا للعرجيّ وهو يشتم مولاه هذا ، وأنه طال شتمه إيّاه . فلما أكثر ردّ المولى عليه ، فاختلط من [6] ذلك ، فقال لأشعب : اشهد على ما سمعت . قال أشعب : وعلام أشهد ، قد شتمته ألفا وشتمك واحدة . واللَّه لو أنّ أمّك أمّ الكتاب ، وأمّة حمّالة الحطب مازاد على هذا ! تعذيب محمد بن هشام للعرجيّ وما كان يقوله العرجي من الشعر في ذلك قال الزّبير وحدّثني حمزة بن عتبة اللَّهبيّ قال : / لمّا أخذ محمد بن هشام المخزوميّ العرجيّ أخذه وأخذه معه الحصين بن غرير [7] الحميريّ ، فجلدهما ، وصبّ على رؤسهما الزيت ، وأقامهما في الشمس على البلس [8] في الحنّاطين بمكة ؛ فجعل العرجيّ ينشد : < شعر > سينصرني الخليفة بعد ربّي ويغضب حين يخبر عن مساقي عليّ عباءة بلقاء [9] ليست مع البلوى تغيّب نصف ساقي وتغضب لي بأجمعها قصيّ قطين البيت والدّمث [10] الرّقاق < / شعر >
[1] لا حاه : خاصمه وشاتمه . [2] أمضه : آلمه وأوجعه . [3] الكتاف : الوثاق وهو الحبل الذي يكتف به . [4] الحرم : النساء . [5] كذا فيء . وفي ت : « وأقامه على الناس » . وفي ح : « وأقامه للناس » . وفي سائر النسخ : وأقامه على البلس « . [6] اختلط هنا : فسد عقله . يريد غضب غضبا شديدا حتى فسد عقله . [7] كذا في أكثر النسخ . وفي أ ، م : « عزيز » . وفي ت : « عزيز » . [8] في ت : « وأقامهما على الناس في الحناطين » . [9] في ت ، ح : « برقاء » والبلقاء والبرقاء كلاهما : ما اجتمع فيه اللونان السواد والبياض . [10] الدمث : جمع دمثاء ، وهي الأرض اللينة السهلة .