ثم أنشدهما قوله : < شعر > أبت هذه النفس إلَّا ادّكارا < / شعر > / حتى بلغ إلى قوله : < شعر > إذا ما الهجارس [1] غنّينها تجاوبن بالفلوات الوبارا [2] < / شعر > فقال له النّصيب : والوبار لا تسكن الفلوات . ثم أنشد حتى بلغ منها : < شعر > كأنّ الغطامط [3] من غليها أراجيز أسلم تهجو غفارا [4] < / شعر > فقال النّصيب : ما هجت أسلم غفارا قطَّ [5] ، فانكسر الكميت وأمسك . نصيب وعبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن ابن الكلبيّ : أنّ نصيبا مدح عبد الرحمن بن الضّحّاك بن قيس الفهريّ ، فأمر له بعشر قلائص [6] ، وكتب بها إلى رجلين من الأنصار ، واعتذر إليه وقال له : واللَّه ما أملك إلَّا رزقي ، وإني لأكره أن أبسط يدي في أموال هؤلاء القوم . فخرج حتّى أتى / الأنصاريّين فأعطاهما الكتاب مختوما . فقرآه وقالا : قد أمر لك بثمان قلائص ، ودفعا ذلك إليه . ثم عزل وولَّي مكانه رجل من بني نصر بن هوازن ، فأمر بأن يتتبّع ما أعطى ابن الضّحّاك ويرتجع ، فوجد باسم نصيب عشر قلائص ، فأمر بمطالبته بها . فقال : واللَّه ما دفع إليّ إلا ثماني قلائص فقال : واللَّه ما تخرج من الدّار حتى تؤدّي عشر قلائص أو أثمانها ، فلم يخرج حتى قبض ذلك منه . فلمّا قدم على هشام سمر عنده ليلة وتذاكروا النّصريّ ، فأنشده قوله فيه : < شعر > أفي قلائص جرب [7] كنّ من [8] عمل أردى وتنزع من أحشائي الكبد < / شعر >
[1] الهجارس : جمع هجرس وهو القرد والثعلب أو ولده ، وهو الدب أيضا ، أو هو من السباع كل ما يعسعس بالليل مما كان دون الثعلب وفوق اليربوع . [2] الوبار : جمع وبر ( بسكون الباء ) وهو دويبّة على قدر السنور غبراء أو بيضاء من دواب الصحراء حسنة العينين شديدة الحياء تكون بالغور والأنثى وبرة . كذا في « اللسان » ( مادة « وبر » ) ، وهو لا يتفق مع نقد نصيب أنّ هذه الدابة لا تسكن الفلوات . ولعل المناسب في بيانها هنا ما نقله صاحب « اللسان » عن الجوهري من أنها دابة طحلاء اللون ( كلون الطحال ) لا ذنب لها تدجن في البيوت . [3] الغطامط بضم الغين : صوت غليان القدر ، وقد قيل إن الميم زائدة . قال المرتضى نقلا عن العباب : والبيت للكميت يصف به قدور أبان بن الوليد البجلي . [4] أسلم وغفار : قبيلتان . [5] قد أورد ابن جني في الجزء الثاني ص 123 من كتاب « الخصائص » المخطوط المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم 5 نحوش هذا النقد وسكت عليه ، وكذلك السيوطي في « المزهر » طبع بولاق ج 2 ص 250 ولكن السيد مرتضى في مادة غطمط من « شرح القاموس » نقل عن « العباب » ما نصه : وقيل وردت غفار وأسلم إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فلما صاروا في الطريق قالت غفار لأسلم : انزلوا بنا . فلما حطت أسلم رحلها مضت غفار فلم تنزل فسبوهم ، فلما رأت ذلك أسلم ارتحلوا وجعلوا يرجزون بهجائهم أه . [6] في ت ، أ ، ء : « فرائض » جمع فريضة وهي القلوص التي تكون بنت سنة ؛ وإنما سمت كذلك لأنها فرضت في خمس وعشرين من الإبل تؤخذ فيها زكاة ، فهي مفروضة وفريضة ، وأدخلت فيها الهاء لأنها جعلت اسما لا نعتا . [7] في ت ، أ ، م ، ى : « حور » : جمع حوراء وهي البيضاء . [8] كذا في جميع النسخ . ولعله : « في عمل » .