/ أراد النّصيب الخروج إلى عبد العزيز بن مروان ، وهو عبد لبني محرز الضّمريّ ، فقالت أمّه له : إنّك سترقد ويأخذك ابن محرز يذهب بك ، فذهب ولم يبال بقولها . حتى إذا كان بمكان ماء يعرف بالدّوّ [1] ، فبينا هو راقد إذ هجم عليه ابن محرز ، فقال حين رآه : < شعر > إنّي لأخشى من قلاص ابن محرز إذا وخدت بالدّوّ وخد [2] النّعائم / يرعن بطين [3] القوم أيّة روعة ضحيّا إذا استقبلنه غير نائم < / شعر > فأطلقوه ، فرجع فأتى أمّه . فقالت : أخبرتك يا بنيّ أنّه ليس عندك أن تعجز القوم . فإن كنت يا بنيّ قد غلبتني أنّك ذاهب فخذ بنت الفلانة [4] ، فإنّي رأيتها وطئت أفحوص [5] بيضات قطاة فلم تفلقهنّ فركبها ، فهي التي بلَّغته ابن مروان . قال أبو عبد اللَّه بن الزّبير : عندنا أنّ الَّتي أعتقته امرأة من بني ضمرة ثم من بني حنبل [6] . أوّل اتصال نصيب بعبد العزيز بن مروان حدّثنا محمد بن العبّاس اليزيديّ قال حدّثنا الخليل بن أسد قال حدّثنا عبد اللَّه بن صالح بن مسلم قال حدّثنا كليب بن إسماعيل مولى بني أميّة وكان حدثا [7] ( أي حسن الحديث ) قال : / بلغني أن نصيبا كان حبشيّا يرعى إبلا لمواليه ، فأضلّ منها بعيرا ، فخرج في طلبه حتى أتى الفسطاط ، وبه إذ ذاك عبد العزيز بن مروان ، وهو وليّ [ عهد [8] ] عبد الملك بن مروان ، فقال نصيب : ما بعد عبد العزيز واحد أعتمده لحاجتي . فأتى الحاجب فقال : استأذن لي على الأمير ، فإني قد هيّأت له مديحا . فدخل الحاجب فقال : أصلح اللَّه الأمير ! بالباب رجل أسود يستأذن عليك بمديح قد هيّأه لك . فظنّ عبد العزيز أنه ممن يهزأ به ويضحكهم ، فقال : مره بالحضور ليوم حاجتنا إليه . فغدا نصيب وراح إلى باب عبد العزيز أربعة أشهر ، وأتاه آت من عبد الملك فسرّه ، فأمر بالسّرير فأبرز للناس ، وقال : عليّ بالأسود ، وهو يريد أن يضحك منه الناس . فدخل ، فلما كان حيث يسمع كلامه ، قال : < شعر > لعبد العزيز على قومه وغيرهم نعم غامره فبابك ألين [9] أبوابهم ودارك مأهولة عامره وكلبك آنس بالمعتفين من الأمّ بالإبنة الزائره وكفّك حين ترى السائلي ن أندى من اللَّيلة الماطره < / شعر >
[1] الدوّ : أرض ملساء بين مكة والبصرة على الجادة مسيرة أربع ليال ليس فيها جبل ولا رمل ولا شيء . ( انظر « ياقوت » ) . [2] الوخد للبعير : الإسراع أو أن يرمي بقوائمه كمشي النعام . [3] البطين : عظيم البطن ، والبعيد . وفي ر : « بطىء » . وفي ب ، س : « بطير » . [4] في « اللسان » ( مادة فلن ) : فلان وفلانة كناية عن أسماء الآدميين ، والفلان والفلانة كناية عن غير الآدميين ؛ تقول العرب : ركبت الفلان وحلبت الفلانة . [5] الأفحوص بوزن عصفور : مجثم القطاة وهو مبيضها الذي تبيض فيه ؛ سمّي بذلك لأنها تفحصه . [6] في ح ، ر : « حبيك » . وفي ت : « حنبك » . [7] ضبطه في « اللسان » ككتف وعضد وشبر . [8] التكلمة في ت . [9] في ر : « أيمن أبوابهم » .