قال : فأعطاه بشر مائة ألف درهم . عبد اللَّه بن أبي فروة أوّل من نوّه باسم نصيب ووصله بعبد العزيز بن مروان أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني عبد الرحمن بن عبد اللَّه الزّهريّ عن [1] عبد اللَّه بن عمران بن أبي فروة قال : أوّل من نوّه باسم نصيب وقدم به على عبد العزيز بن مروان عبد اللَّه بن أبي فروة ، قدم به عليه وهو وصيف [2] حين بلغ وأوّل ما قال الشّعر . قال : أصلح اللَّه الأمير ! جئتك بوصيف نوبيّ يقول الشعر - وكان نصيب ابن نوبيّين - فأدخله عليه ، فأعجبه شعره ، وكان معه أيمن بن خريم الأسديّ . فقال عبد العزيز : إذا دعوت بالغداء فأدخلوه عليّ في جبّة صوف محتزما بعقال ، فإذا قلت قوّموه فقوّموه وأخرجوه وردّوه عليّ في جبّة وشي ورداء وشي . فلما جلس للغداء ومعه أيمن بن خريم أدخل نصيب في جبّة صوف محتزما بعقال ، فقال : قوّموا هذا الغلام . فقالوا : عشرة ، عشرون ، ثلاثون دينارا . فقال : ردّوه ، فأخرجوه ثم ردّوه في جبّة وشي ورداء وشي . فقال : أنشدنا ، فأنشدهم . فقال : قوّموه ، قالوا : ألف دينار . فقال أيمن : واللَّه ما كان قطَّ أقلّ في عيني منه الآن ، وإنه لنعم راعي المخاض . فقال له : فكيف شعره ؟ قال : هو أشعر أهل جلدته . فقال له عبد العزيز : / هو واللَّه أشعر منك . قال : أمنّي أيّها الأمير ؟ قال أيمن : إنك لملول طرف . فقال له : واللَّه ما أنا بملول وأنا أنازعك الطعام منذ كذا وكذا ، تضع يدك حيث أضعها وتلتقي يدك مع يدي على مائدة ، كلّ ذلك أحتملك ! - وكان بأيمن بياض - فقال له أيمن : ائذن لي أخرج إلى بشر . فأذن له فخرج ، وقال أبياته التي أوّلها : < شعر > ركبت من المقطَّم في جمادى < / شعر > وقد مضت الأبيات . قال : فلما جاز بعبد الملك بن مروان ، قال : أين تريد ؟ قال أريد أخاك بشرا . قال : أتجوزني ؟ ! قال : إي واللَّه أجوزك إلى من قدم إلىّ وطلبني . قال : فلم فارقت صاحبك ؟ قال : رأيتكم يا بني مروان [3] ، تتّخذون للفتى من فتيانكم مؤدّبا ، وشيخكم واللَّه محتاج إلى خمسة مؤدّبين . فسرّ ذلك عبد الملك ، وكان عازما على أن يخلعه ويعقد لابنه الوليد . ابتاعه عبد العزيز بن مروان وأعتقه وقيل : أعتقته امرأة من ضمرة أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال : يقال : إن نصيبا أضلّ إبلا فخرج في بغائها [4] فلم يصبها ، وخاف مواليه أن يرجع إليهم ، فأتى عبد العزيز بن مروان فمدحه وذكر له قصته ، فأخلف عليه ما ضلّ لمواليه وابتاعه وأعتقه . أخبرنا الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثنا عبد اللَّه بن إبراهيم الهلاليّ ثم الدّوسيّ [5] قال :
[1] في ح ، ر : « عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عمران بن أبي فروة » . [2] الوصيف : الخادم غلاما كان أو جارية . [3] في ت ، ح ، ر ، : « يا بني أمية » . [4] البغاء بالضم والمدّ : الطلب ؛ قال الشاعر : < شعر > لا يمنعنك من بغا ء الخير تعقاد التمائم < / شعر > [5] كذا في ب ، س . وفي ح ، ر : « الدو أبيّ » . وبنو دوأب قبيلة من غنى بن أعصر ، كما في « القاموس » و « شرحه » ( مادة دأب ) . وفي أ ، ء ، م : « الرومي » . وفي ت : « الروسي » من غير إعجام .