< شعر > فمنك العطاء ومنّي الثّناء بكلّ محبّرة سائره < / شعر > فقال : أعطوه أعطوه . فقال : إنّي مملوك . فدعا الحاجب فقال : اخرج فابلغ في قيمته ، فدعا المقوّمين فقال : قوّموا غلاما أسود ليس به عيب . قالوا : مائة دينار . قال : إنه راع للإبل يبصرها ويحسن القيام عليها . قالوا : حينئذ مائتا دينار . قال : إنه يبري القسيّ ويثقّفها ويرمي النّبل ويريشها . قالوا : أربعمائة دينار . قال : إنه رواية للشّعر بصير به . قالوا : ستّمائة دينار . قال : إنه / شاعر لا يلحق حذقا [1] . قالوا : ألف دينار . قال عبد العزيز : ادفعوها إليه . قال : أصلح اللَّه الأمير ! ثمن بعيري الذي أضللت . قال : وكم ثمنه ؟ قال : خمسة وعشرون دينارا . قال : ادفعوها إليه . قال : أصلح اللَّه الأمير ! جائزتي لنفسي عن مديحي إيّاك . قال : اشتر نفسك ثم عد إلينا . فأتى الكوفة وبها بشر بن مروان ، فاستأذن عليه فاستصعب الدخول إليه . وخرج بشر بن مروان متنزّها فعارضه ، فلما ناكبه ( أي صار حذاء منكبه ) ناداه : < شعر > يا بشر يا بن الجعفريّة ما خلق الإله يديك للبخل جاءت به عجز [2] مقابلة [3] ما هنّ من جرم [4] ولا عكل < / شعر > / قال : فأمر له بشر بعشرة آلاف درهم . الجعفريّة التي عناها نصيب : أمّ بشر بن مروان ، وهي قطيّة [5] بنت بشر بن عامر ملاعب الأسنّة بن مالك بن جعفر بن كلاب . أم بشر بن مروان ابن الحكم أخبرنا اليزيديّ عن الخرّاز عن المدائنيّ عن عبد اللَّه بن مسلم وعامر بن حفص وغيرهما : أنّ مروان بن الحكم مرّ ببادية بني جعفر ، فرأى قطيّة بنت بشر تنزع بدلو على أبل لها ، وتقول : / < شعر > ليس بنا فقر إلى التّشكَّي جربّة [6] كحمر الأبكّ [7] لا ضرع [8] فيها ولا مذكَّي [9] < / شعر >
[1] في ت ، أ ، م ، ء : « لا يلحن حرفا » . [2] عجز : جمع عجوز . يريد بهن أمهاته وجداته . [3] المقابلة : الكريمة النسب من قبل أبويها . [4] جرم : بطن في طيء ومساكنهم صعيد مصر ومنهم بقية في نواحي غزة ، وهم غير جرم بن زبّان بن حلوان بن عمران بن الحاف : بطن من قضاعة . وعكل : أبو قبيلة فيهم غباوة وقلة فهم ؛ لذلك يقال لكل من فيه غفلة ويستحمق : عكليّ . [5] في ت ، ح ، ر : « قطبة » بالباء الموحدة وقد سمى به ، كما في « القاموس » . [6] وردت هذه الكلمة في ب ، س ، ر : « جونية » وفي ح : « لجونبة » وفيء : « جرية » . وفي م ، أ : « جريه » . وفي ت : « حرية » . وكل ذلك محرّف عن « جربّة » . والجربة في الأصل : جماعة الحمر . وقد يقال للأقوياء من الناس إذا كانوا جماعة متساوين ، وهو المراد هنا . وقد ورد البيت في « اللسان » مادة صلم : < شعر > صلامة كحمر الأبك لا ضرع فيها ولا مذكَّى < / شعر > والصلامة : القوم المستوون في السنّ والشجاعة والسخاء . [7] الأبك : الحمر التي يبكّ ( يزحم ) بعضها بعضا ؛ ونظيره قولهم الأعم في الجماعة ، والأمرّ لمصارين الفرث . والأبك : اسم موضع ؛ قال في « اللسان » مادة بكك : والأبك : موضع نسبت الحمر إليه ، فأما ما أنشده ابن الأعرابي « جربة كحمر الأبك » فزعم أنها الحمر يبكّ بعضها بعضا . قال : يضعف ذلك أن فيه ضربا من إضافة الشيء إلى نفسه وهذا مستكره . وقد يكون الأبك ها هنا الموضع فذلك أصح للإضافة . [8] الضرع : الضعيف . [9] المذكى : المسنّ من كل شيء ، وخص بعضهم به ذوات الحافر وهو أن يجاوز القروح بسنة . قال الأزهريّ نقلا عن ابن الأعرابي : إذا سقطت رباعية الفرس ونبتت مكانها سنّ فهو رباع وذلك إذا استتم الرابعة ، فإذا حان قروحه سقطت السن التي تلي رباعيتة ونبت -