شعرا وفصاحة . فقال لي أيمن : أتقول الشّعر ؟ قلت : نعم . قال : قيمته ثلاثون دينارا . قال : يا أيمن ، أرفعه وتخفضه أنت ! قال : لكونه أحمق أيّها الأمير ! ما لهذا وللشّعر ! أمثل هذا يقول الشّعر ! أو يحسن شعرا ! فقال : أنشده يا نصيب ، فأنشدته . فقال له عبد العزيز : كيف تسمع يا أيمن ؟ قال : شعر أسود ، هو أشعر أهل جلدته . قال : هو واللَّه أشعر منك . قال : أمنّي أيّها الأمير ؟ قال : إي واللَّه منك . قال : واللَّه أيّها الأمير ، إنك لملول طرف . قال : كذبت واللَّه ما أنا كذلك ! ولو كنت كذلك ما صبرت عليك ! تنازعني التّحيّة وتؤاكلني الطَّعام / وتتّكيء على وسائدي وفرشي وبك ما بك ! - يعني وضحا كان بأيمن - قال : ائذن لي [ أن ] أخرج إلى بشر بالعراق . واحملني على البريد . قال : قد أذنت لك ، وأمر به فحمل على البريد إلى بشر . فقال : أيمن بن خريم : < شعر > ركبت من المقطَّم في جمادى إلى بشر بن مروان البريدا ولو أعطاك بشر ألف ألف رأى حقّا عليه أن يزيدا أمير المؤمنين أقم ببشر عمود الحق إنّ له عمودا ودع بشرا يقوّمهم ويحدث لأهل الزّيع إسلاما جديدا كأنّ التاج تاج بني هر قل جلوه لأعظم الأيّام عيدا على ديباج خدّي وجه بشر إذا الألوان خالفت الخدودا < / شعر > قال أيّوب يعني بقوله : < شعر > إذا الألوان خالفت الخدودا < / شعر > أنّه عرّض بكلف كان في / وجه عبد العزيز - . < شعر > وأعقب مدحتي سرجا مليحا [1] وأبيض جوزجانيّا [2] عقودا [3] / وإنّا قد وجدنا أمّ بشر كأمّ الأسد مذكارا ولودا [4] < / شعر >
[1] كذا في س . ولم يرد البيت كله في ح ، ر ، ب . وفي سائر النسخ : « خلنجا » . والخلنج فارسي معرب : شجر تتخذ من خشبة الأواني ، وقيل : هو كل جفنة وصحفة وآنية صنعت من خشب ذي طرائق وأساريع موشاة . وليس لشيء من هذا معنى مناسب في البيت . [2] كذا في « الموشح » للمرزباني . وفي جميع النسخ : « خوزجانيا » بالخاء المعجمة . ولم نعثر في « معاجم البلدان » على خوزجان علما لموضع خاص . وجوزجان بالجيم : اسم كورة من كور بلخ بخراسان . [3] يقال : جمل عقد بفتح القاف وكسرها ، إذا كان قويا ، وناقة معقودة القرا : موثقة الظهر . فلعل عقودا بمعنى قويا وإن كنا لم نجده بنصه في « كتب اللغة » ، أو لعله محرّف عن عتود بالتاء ، قال في « اللسان » : وفرس عتد بفتح التاء وكسرها : شديد تام الخلق سريع الوثبة معدّ للجري ليس فيه اضطراب ولا رخاوة ، وقيل هو العتيد الحاضر المعدّ للركوب الذكر والأنثى فيهما سواء . ثم قال والعتود : الجدي الذي استكرش ، وقيل هو الذي بلغ السفاد ، وقيل هو الذي أجذع . ثم قال : والعتود أيضا : العريض . فلعله يريد بالعتود معنى العتد المتقدّم . [4] قال المرزباني في « الموشح » في الكلام على أيمن بن خريم بعد أن ذكر البيت « ولو أعطاك . . . الخ » ثم هذين البيتين بعده : فجميع هذا المدح على غير الصواب . وذلك أنه أومأ إلى المدح بالتناهي في الجود أولا ثم أفسده في البيت الثاني بذكر السرج وغيره ، ثم ذكر في البيت الثالث ما هو إلى أن يكون ذما أقرب ؛ وذلك أنه جعل أمه ولودا ، والناس مجمعون على أن نتاج الحيوانات الكريمة يكون أعسر ؛ ومنه قول الشاعر : < شعر > بغاث الطير أكثرها فراخا وأم الصقر مقلات نزور < / شعر >