نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان جلد : 1 صفحه : 96
ولامرية أننا وجدنا أضواء الحق والعدالة في التاريخ الانساني ، وأننا نقدرها حق قدرها ، ولكن الجزء الأكبر من التاريخ يفيض بقصص الظلم والفساد والعدوان . ان المؤرخ ليصاب بيأس بالغ عندما يرى أن أحداث التاريخ تتعارض تماما مع الضمير الانساني . ولنقتبس هنا بعض الأقوال : فولتير : ان التاريخ الانساني ليس إلا صورة للجرائم والمصائب [1] . هربرت سبنسر : ان التاريخ تهريج ، وكلام فارغ لا جدوى منه . نابليون : ان التاريخ بأكمله عنوان لقصة لا تعني شيئا . ادوارد جين : ان تاريخ الانسان لا يعدو أن يكون سجلا للجرائم ، والحماقة ، وخيبة الأمل . هيكل : ان الدرس الوحيد الذي تعلمته الحكومة والشعب من مطالعة التاريخ هو أنهم لم يتعلموا من التاريخ شيئا [2] . هل قامت مسرحية العالم كلها لتنتهي إلى كارثة أليمة ؟ ان فطرتنا تقول : لا . . فدواعي العدالة والانصاف في الضمير الانساني تقتضي عدم حدوث هذا الامكان ، لا بد من يوم يميز بين الحق والباطل ، ولابد للظالم والمظلوم أن يجنيا ثمارهما ، وهذا مطلب لا يمكن اقصاؤه من مقومات التاريخ ، كما لا يمكن ابعاده عن فطرة الانسان . ان هذا الفراغ الشاسع الذي يفصل ما بين الواقع والفطرة يقتضي ما يشغله ، فان المسافة الهائلة بين ( ما يحدث ) و ( ما ينبغي أن يحدث ) تدل على أن مسرحا آخر قد أعد للحياة ، وأنه لا بد من ظهوره . فهذا الفراغ العظيم يدعو إلى تكميل الحياة . واني لأتخير عندما يؤمن الناس بفلسفة الروائي الإنجليزي هاردي القائلة : بأن العالم مكان للظلم والوحشية ، ولكنني أصاب بحيرة أكبر عندما أرى أن هذه الحالة البالغة السوء لا تقودهم إلى الايمان بأن : ما ليس بموجود اليوم ويقتضيه العقل ، لا بد من حدوثه غدا . إذا لم تكن هنالك قيامة فمن ذا الذي سوف يكسر رؤوس الطواغيت الطغاة ؟ ؟ كلمة كثيرا ما تخرج من شفتي مصحوبة بأنين مرير ، عندما أطالع الجرائد ، فجرائدنا صورة مصغرة لما يحدث كل يوم على الأرض ، والصورة التي تحملها الجرائد الينا رهيبة . . انها تتكلم عن الاغتيالات ، والخطف ، والنهب ، والاتهامات الكاذبة ، والتجارة السياسية ، والدعايات الباطلة التي تتلعب بالألفاظ . ان هذه الجرائد تخبرنا كيف نكل الحاكم الفلاني بمعارضيه الضعفاء ، باسم مصالح الأمة ، ودواعي الامن القومي ؟ ! وكيف سيطر ذلك الشعب