responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان    جلد : 1  صفحه : 94


ويعتقد بعض العلماء والفلاسفة أن خيبة آمال الانسان في حياته الراهنة هي التي تجعله يفكر في حياة أفضل ، وهم يرون أن هذا الفكر سوف يتلاشى لو أتيح للانسان مجتمع رفاهي كامل . فقد اعتنق عدد كبير من أسرى الروم المسيحية لأنها وعدتهم بأفراح السماء . .
ولذا تتوقع هذه الطائفة من العلماء والفلاسفة أن سعادة الانسان ورفاهية المجتمع سوف تزداد أكثر فأكثر ، إلى أن تقضي نهائيا على نظرية العالم الآخر .
ولكن تاريخ الأربعمائة سنة الأخيرة ؟ التي ازدهرت فيها العلوم والتكنولوجيا ؟ يكذب هذا التوقع ، فان أول ما هيأ التقدم التكنولوجي للانسان أنه أتاح له وسائل عديدة ، احتكرتها أيد محدودة ، قامت بدورها باستغلالها ، وقضت على صغار العمال والحرفيين ، وحولت تيار الثروات إلى كنوزها ، وخزائنها ، وجعلت من الشعب عمالا فقراء معوزين ، ويمكن مطالعة هذه المناظر القبيحة التي جاءت نتيجة للتقدم التكنولوجي ، في كتاب كارل ماركس رأس المال ، الذي يعتبر ضجيجا للطبقة العمالية التي عاشت القرنين الثامن والتاسع بعد الألف ، ثم بدأت ردود فعل هذا الضجيج ، وتبعه كفاح طويل ، قامت به المنظمات العمالية ، حتى تحسنت الأحوال إلى حد ما . ولكنني أرى أن التغيير الذي طرأ على أحوال العمال ليس إلا ظاهريا ، فعامل اليوم يتقاضى أكثر مما كان يتقاضاه بالأمس ، أما السعادة الحقة ، فإنه أكثر افتقادا لها من سلفه . . ذلك أن النظام التكنولوجي لم يعط الانسان أكثر من مظاهر مادية ، فهو لا يملك القيم الروحية ، حتى يمنح لأتباعه السعادة والطمأنينة القلبية ، وما أصدق ما قاله الشاعر ( Blak ) عن انسان الحضارة الحديثة :
A mark in every face I meet Marks of weakness , marks of woe لكل وجه ترى عليه سمات * * * فيه ضعف ، وفيه ذل وحقد لقد اعترف برتراند راسل قائلا : ان حيوانات عالمنا يغمرها السرور والفرح ، على حين كان الناس أجدر من الحيوان بهذه السعادة ، ولكنهم محرومون من نعمتها في عالمنا الحديث [1] . واليوم ، كما يقول راسل ، أصبح من المستحيل الحصول على هذه النعمة :
السعادة [2] ! ! .
انك عندما تزور نيويورك ، تشاهد أبنيتها الضخمة مثل عمارة امباير ستيت ، التي تتكون من 102 طابقا ، وهي عالية جدا ، حتى أن درجة الحرارة في أدوارها العليا تكون منخفضة جدا بالنسبة إلى أدوارها السفلى ، وعندما تخرج منها وتراها من الشارع .



[1] Conquest of Happiness , p . 11 .
[2] Ibid , p . 93 .

94

نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان    جلد : 1  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست