نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 676
وتسلف منه أمراؤه أيضاً . وبعث معهم سراج الدين وكيله يقتضى المال فأقام بمالي . فتوجه سراج الدين بنفسه لاقتضاء ماله ومعه ابن له . فلما وصل تنبكتو أضافه أبو إسحاق الساحلي فكان من القدر موته تلك الليلة . فتكلم الناس في ذلك واتهموا أنه سم . فقال لهم ولده : إني أكلت معه ذلك الطعام بعينه . فلو كان فيه سم لقتلنا جميعاً لكنه انقضى أجله . ووصل الوالي إلى مالي واقتضى ماله وانصرف إلى ديار مصر . ومن تنبكتو ركبت النيل في مركب صغير منحوت من خشبة واحدة . وكنا ننزل كل ليلة بالقرى فنشتري ما نحتاج إليه من الطعام والسمن بالملح وبالعطريات وبحلى الزجاج . ثم وصلت إلى بلد أنسيت اسمه له أمير فاضل حاج يسمى فربا سليمان مشهور بالشجاعة والشدة . لا يتعاطى أحد النزع في قوسه ولم أر في السودان أطول منه ولا أضخم جسماً واحتجت بهذا البلدة إلى شيء من الذرة فجئت إليه وذلك يوم مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وسألني عن مقدمي . وكان معه فقيه يكتب له . فأخذت لوحاً كان بين يديه وكتبت فيه : يا فقيه قل لهذا الأمير : إنا نحتاج إلى شيء من الذرة للزاد والسلام . وناولت الفقيه اللوح يقرأ ما فيه سراً ويكلم الأمير في ذلك بلسانه . فقرأه جهراً وفهمه الأمير . فأخذ بيدي وأدخلني إلى مشوره وبه سلاح كثير من الدرق والقسي والرماح ووجدت عنده كتاب المدهش لابن الجوزي فجعلت أقرأ فيه . ثم أتي بمشروب لهم يسمى الدقنو [1] وهو ماء فيه جريش الذرة مخلوط بيسير عسل أو لبن وهم يشربونه عوض الماء . لأنهم إن شربوا الماء خالصاً أضر بهم وإن لم يجدوا الذرة خلطوه بالعسل أو اللبن . ثم أتي ببطيخ أخضر فأكلنا منه ودخل غلام خماسي فدعاه وقال لي : هذا ضيافتك واحفظه لئلا يفر . فأخذته وأردت الانصراف فقال : أقم حتى يأتي الطعام . وجاءت إلينا جارية له دمشقية عربية فكلمتني بالعربي . فبينما نحن في ذلك إذ سمعنا صراخاً بداره . فوجه الجارية لتعرف خبر ذلك فعادت إليه فأعلمته أن بنتاً له قد توفيت فقال : إني لا أحب البكاء فتعال نمش إلى البحر يعني النيل . وله على ساحله ديار . فأتى