نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 650
الجيوش إلى نصرتها لا يتأتى لبعد الأقطار كتب إلى خدامه ببلاد إفريقية أن يفدوها بالمال . ففديت بخمسين ألف دينار من الذهب العين . فلما بلغه خبر ذلك قال : الحمد لله الذي استرجعها من أيدي الكفار بهذا النزر اليسير . وأمر للحين ببعث ذلك العدد إلى إفريقية وعادت المدينة إلى الإسلام على يديه . ولم يخطر في الأوهام أن أحداً تكون عنده خمسة قناطير من الذهب نزراً يسيراً حتى جاء بها مولانا أيده الله مكرمة بعيدة ومأثرة فائقة قل في الملوك أمثالها وعز عليهم مثالها . ومما شاع من أفعال مولانا أيده الله في الجهاد إنشاؤه الأجفان بجميع السواحل واستكثاره من عدد البحر وهذا في زمان الصلح والمهادنة إعداداً لأيام الغزاة . وأخذ بالحزم في قطع أطماع الكفار وأكد ذلك بتوجهه أيده الله بنفسه إلى جبال جاناته في العام الفارط ليباشر قطع الخشب للإنشاء ويظهر قدر ما له بذلك من الاعتناء ويتولى بذاته أعمال الجهاد مترجياً ثواب الله تعالى وموقناً بحسن الجزاء . ومن أعظم حسناته أيده الله عمارة المسجد الجديد بالمدينة البيضاء دار ملكه العلي وهو الذي امتاز بالحسن واتقان البناء وإشراق النور وبديع الترتيب وعمارة المدرسة الكبرى بالموضع المعروف بالقصر مما يجاور قصبه فاس ولا نظير لها في المعمورة اتساعاً وحسناً وإبداعاً وكثرة ماء وحسن وضع . ولم أر في مدارس الشام ومصر والعراق وخراسان ما يشبهها . وعمارة الزاوية العظمى على غدير الحمص خارج المدينة البيضاء فلا مثل لها أيضاً في عجيب وضعها وبديع صنعها . وأبدع زاوية رأيتها بالشرق زاوية سرياقص " سرياقوس " التي بناها الملك الناصر . وهذه أبدع منها وأشد إحكاماً وإتقاناً . والله سبحانه ينفع مولانا أيده الله بمقاصده الشريفة ويكافئ فضائله المنيفة ويديم للإسلام والمسلمين أيامه وينصر ألويته المظفرة وأعلامه . ولنعد إلى ذكر الرحلة فنقول : ولما حصلت لي مشاهدة هذا المقام الكريم وعمني فضل إحسانه العميم قصدت زيارة قبر الوالدة . فوصلت إلى بلدة طنجة
650
نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 650