نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 648
وتدبيره لسياسة الأقاليم النائية ومباشرته من حال ملكه ما لم يباشره أحد من الملوك ونظره بنفسه في شكايات المظلومين . ومع ذلك كله فلا تقع بمجلسه الكريم مسألة علم في أي علم كان إلا جلا مشكلها وباحث في دقائقها واستخرج غوامضها واستدرك على علماء مجلسه ما فاتهم من مغلقاتها . ثم سما أيده الله إلى العلم الشريف التصوفي ففهم إشارات القوم وتخلق بأخلاقهم . وظهرت آثار ذلك في تواضعه مع رفعته وشفقته على رعيته ورفقه في أمره كله . وأعطى للآداب حظاً جزيلاً من نفسه فاستعمل أحسنها منزعاً وأعظمها موقعاً وصارت عنه الرسالة الكريمة والقصيدة اللتان بعثهما إلى الروضة الشريفة المقدسة الطاهرة روضة سيد المرسلين وشفيع المذنبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبهما بخط يده الذي يخجل الروض حسناً . وذلك شيء لم يتعاط أحد من ملوك الزمان إنشاءه ولا رام إدراكه . ومن تأمل التوقيعات الصادرة عنه أيده الله تعالى وأحاط علماً بحصولها لاح له فضل ما وهب الله لمولانا من البلاغة التي فطره عليها وجمع له بين الطبيعي والمكتسب منها . وأما صدقاته الجارية وما أمر به من عمارة الزوايا بجميع بلاده لإطعام الطعام للوارد والصادر فذلك ما لم يفعله أحد من الملوك غير السلطان أتابك أحمد . وقد زاد عليه مولانا أيده الله بالتصدق على المساكين بالطعام كل يوم والتصدق بالزرع على المتسترين من أهل البيوت . قال ابن جزي : اخترع مولانا أيده الله في الكرم والصدقات أموراً لم تخطر في الأوهام ولا اهتدت إليها السلاطين . فمنها إجراء الصدقات على المساكين بكل بلد من بلاده على الدوام . ومنها تعيين الصدقة الوافرة للمسجونين في جميع البلاد أيضاً ومنها كون تلك الصدقات خبزاً مخبوزاً متيسراً للانتفاع به ومنها كسوة المساكين والضعفاء والعجائز والمشايخ والملازمين للمساجد بجميع بلاده ومنها تعيين الضحايا لهؤلاء الأصناف في عيد الأضحى ومنها التصدق بما يجتمع في مجابي أبواب بلاده يوم سبعة وعشرين من رمضان إكراماً لذلك اليوم الكريم وقياماً بحقه ومنها إطعام الناس في جميع البلاد ليلة المولد
648
نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 648