نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 647
الأعادي ومولانا أيده الله كان قتل الأسد أهون عليه من قتل الشاة على الأسد فإنه لما خرج الأسد على الجيش بوادي النجارين من المعمورة بحوز سلا وتحامته الأبطال وفرت أماه الفرسان والرجال برز إليه مولانا أيده الله غير محتفل به ولا متهيب منه فطعنه بالرمح ما بين عينيه طعنة خر بها صريعاً لليدين وللفم . وأما هزائم الأعادي فإنها اتفقت للملوك بثبوت جيوشهم وإقدام فرسانهم فيكون حظ الملوك الثبوت والتحريض على القتال . وأما مولانا أيده الله فإنه أقدم على عدوه منفرداً بنفسه الكريمة بعد علمه بفرار الناس وتحققه أنه لم يبق معه من يقاتل . فعند ذلك وقع الرعب في قلوب الأعداء وانهزموا أمامه . فكان من العجائب فرار الأمم أمام واحد . وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والعاقبة للمتقين وما هو إلا ثمرة ما يمتاز به أعلى مقامه من التوكل على الله والتفويض إليه . وأما اشتغاله بالعلم فها هو أيده الله تعالى يعقد مجالس العلم في كل يوم بعد صلاة الصبح ويحضر لذلك أعلام الفقهاء ونجباء الطلبة بمسجد قصره الكريم فيقرأ بين يديه تفسير القرآن العظيم وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وفروع مذهب مالك رضي الله عنه وكتب المتصوفة . وفي كل علم منها . له القدح المعلى يجلو مشكلاته بنور فهمه ويلقى نكته الرائقة من حفظه . وهذا شأن الأئمة المهتدين والخلفاء الراشدين . ولم أر من ملوك الدنيا من باغت عنايته بالعلم إلى هذه النهاية . فقد رأيت ملك الهند يتذاكر بين يديه بعد صلاة الصبح في العلوم المعقولات خاصة ورأيت ملك الجاوة يتذاكر بين يديه بعد صلاة الجمعة في الفروع على مذهب الشافعي وكنت أعجب من ملازمة ملك تركستان لصلاتي العشاء الآخرة والصبح في الجماعة حتى رأيت ملازمة مولانا أيده الله في الصلوات كلها في الجماعة وقيام رمضان : " والله يختص برحمته من يشاء " . قال ابن جزي : لو أن عالماً ليس له شغل إلا بالعلم ليلاً ونهاراً لم يكن يصل إلى أدنى مراتب مولانا أيده الله في العلوم مع اشتغاله بأمور الأمة
647
نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 647