نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 646
رسوم الدنيا والدين . وأنا أذكر ما عاينته وتحققته من عدله وحلمه وشجاعته واشتغاله بالعلم وتفقهه وصدقته الجارية ورفع المظالم . ذكر بعض فضائل مولانا أيده الله أما عدله فأشهر من أن يسطر في كتاب . فمن ذلك جلوسه للمشتكين من رعيته وتخصيصه يوم الجمعة للمساكين منهم وتقسيمه ذلك اليوم بين الرجال والنساء وتقديمه النساء لضعفهن . فتقرأ قصصهن بعد صلاة الجمعة إلى العصر ومن وصلت نوبتها نودي باسمها ووقفت بين يديه الكريمتين يكلمها دون واسطة . فإن كانت متظلمة عجل إنصافها أو طالبة إحسان وقع إسعافها . ثم إذا صليت العصر قرئت قصص الرجال وفعل مثل ذلك فيها . ويحضر المجلس الفقهاء والقضاة فيرد إليهم ما تعلق بالأحكام الشرعية وهذا شيء لم أر في الملوك من يفعله على هذا التمام ويظهر فيه مثل هذا العدل . فإن ملك الهند عين بعض أمرائه لأخذ القصص من الناس وتلخيصها ورفعها إليه دون حضور أربابها بين يديه . وأما حلمه فقد شاهدت منه العجائب . فإنه أيده الله عفا عن الكثير ممن تعرض لقتال عساكره والمخالفة عليه وعن أهل الجرائم الكبار الذين لا يعفو عن جرائمهم إلا من وثق بريه . وعلم علم اليقين معنى قوله تعالى : " والعافين عن الناس " قال ابن جزي : من أعجب ما شاهدته من حلم مولانا أيده الله أني منذ قدومي على بابه الكريم في آخر عام ثلاثة وخمسين إلى هذا العهد وهو أوائل عام سبعة وخمسين لم أشاهد أحداً أمر بقتله إلا من قتله الشرع في حد من حدود الله تعالى قصاص أو حرابة هذا على اتساع المملكة وانفساح البلاد واختلاف الطوائف . ولم يسمع بمثل ذلك في ما تقدم من الأعصار ولا فيما تباعد من الأقطار . وأما شجاعته فقد علم ما كان منه في المواطن الكريمة من الثبات والإقدام مثل يوم قتال بني عبد الوادي وغيرهم . ولقد سمعت خبر ذلك اليوم ببلاد السودان وذكر ذلك عند سلطانهم فقال : هكذا وإلا فلا . قال ابن جزي : لم يزل الملوك الأقدمون تتفاخر بقتل الآساد وهزائم
646
نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 646