علّها تذيب تلك العقدة التي لحظتها تنفتل جزئياتها ما بين حاجبيه ، قلت له : - " إنّي لم أفكر بذلك قط ، إن ما أهتم له هو أن أحصل على يقين ما . . وتذكر أن الآباء ليسوا بمسؤولين عمّا تفعل الآن ، لأنّهم يُدانون على ما أغذونا إياه . . فإنّ كان سقيماً كان حصادهم كذلك ، وإن كان غير ذلك كان غيره . . " . - " هل تدينهم ؟ ! " . - " كلا . . أبداً ، وهذا في حال أن يلفوا معنى سعيهم الجاد والحثيث كاملاً ، دون أيّما تهاون أو تكاسل " . - " ماذا تقصد ؟ " . - " أقصد أنهم هل بذلوا كُلّ جهدهم في هذا المضمار " . - " وهل بلغ الآباء من الشيعة مع أبنائهم كُلّ جهدهم . . ؟ إنّي لا أعتقد أنّ أحداً منهم يهتم لحديثنا ، بقدر ما يهتم بالاستمرار على دين آبائه من دون الإبحار في مسالك البحث والدرس كُلّ ما ورثه عنهم . . " . - " لا عليك ! لا تهتم بهذا ، علينا أن نفهم ما يتعلق بنا نحن " . - " ولماذا كان عليهم أن يتمسكوا بكُلّ ما ورثوه عن سلفهم ، ونحن ليس لن فعل مثل ذلك ، بل إنّي أشرع بأنّ عقيدتهم تملي عليّ ما يرغمني على التخلي عمّا اعتقد به عنوة . . " . تطلعت إليه ، وأنا أشعر بأنّ هذا الشاب يمر في مرحلة صعبة . . دعوته إلى الجلوس ، فرفض ، طلبت منه أن نخرج معاً إلى الطريق الذي يحيط بالمكان ، فاستجاب بعد تردد . . بعدها سألته : - " إنّي لا أتصور بأنّك لا ترغب في أن تحمل شيئاً ، لم يحمله أحدٌ من أجدادك قبل اليوم " .