ومن الغريب بعد ذلك حل سماحته لإشكال صحة الثواب والعقاب المترتب على القول بالجبر بطريقة لم نكن نتوقعها ، وليس هذا الكتاب موقعاً لبيان اشتباهه فيها [1] ، ثم يؤكد السيد فضل اللَّه هذه المقولة في أجوبة المسائل المؤرخة في 8 رجب ، والتي أرسلت إلى الحوزة العلمية في قم ، حيث سئل : ينسب إليكم أنكم تقولون بالعصمة التكوينية للأنبياء والأئمة عليهم السلام حتى قال البعض : إن معنى العصمة التكوينية ولازمها أن يكون الإمام المعصوم كالجدار لا فضل له أبداً ؟ فأقر على هذا الأمر . وفي هذا ما لا يخفى من إسقاط الرسول وأهل بيته المعصومين ( ع ) ، عن مرتبة القدوة والأسوة الحسنة التي أمر اللَّه باتباعها ، لأنهم على هذا القول بجبرية العصمة فيهم ، لا فضل لهم في ذلك ، فيكون المؤمن الذي يطيع تارة ويعصي أخرى ، أفضل حالاً منهم في ذلك ، لإعمال هذا المؤمن إرادته في طاعة اللَّه ، ومجاهدته في دفع المعصية عن نفسه ومراقبتها ومحاسبتها ، رغم كل ما يمكن أن يقف بوجه امتثاله لأوامر اللَّه تعالى ونواهيه . بينما المعصوم الذي كُوّن وأجبر على هذه العصمة ، لا يكلّف عناء شيءٍ في ذلك ، هذا مع الإغماض عن التناقض الحاصل في كلماته هذه وغيرها ، مما يوافيك في محله المناسب . الخوض في أنوار المعصومين لا يفيد ؟ وهناك موردٌ آخر نذكره ( للتمثيل لا الحصر ) ، وهو قول السيد فضل اللَّه في هذه المقالة أيضاً في ما يتعلق بأنوار أهل البيت ( ع ) ، وأنهم كانوا أو كان بعضهم ، ولم يكن معهم شيء سوى اللَّه تعالى ، الذي خلقهم وصورهم
[1] نحيل القارئ لحل هذه الشبهة إلى كتاب « العصمة على ضوء المنهج القرآني » للسيد كمال الحيدري الصفحات ( 83 - 105 ) .