الاختيارية مخلوقة للإنسان ليس للواجب ( تعالى ) فيها شأن ، بل الذي له أن يقدر الإنسان على الفعل بأن يخلق له الأسباب التي يقدر بها على الفعل ، كالقوى والجوارح التي يتوصل بها إلى الفعل باختياره الذي يصحح له الفعل والترك ، فله أن يترك الفعل ولو أراده الواجب ، وأن يأتي بالفعل ولو كرهه الواجب ، ولا صنع للواجب في فعله [1] . على أن الفعل لو كان مخلوقا للواجب ( تعالى ) كان هو الفاعل له دون الإنسان ، فلم يكن معنى لتكليفه بالأمر والنهي ولا للوعد والوعيد ، ولا لاستحقاق الثواب والعقاب على الطاعة والمعصية ، ولا فعل ولا ترك للإنسان ، على أن كونه ( تعالى ) فاعلا للأفعال الاختيارية وفيها أنواع القبائح والشرور كالكفر والجحود وأقسام المعاصي والذنوب ، ينافي تنزه ساحة العظمة والكبرياء عما لا يليق بها . ويدفعه : أن الأفعال الاختيارية أمور ممكنة ، وضرورة العقل قاضية أن ماهية الممكنة متساوية النسبة إلى الوجود والعدم ، لا تخرج من حاق الوسط إلى أحد الطرفين إلا بمرجح يوجب لها ذلك ، وهو العلة الموجبة ، والفاعل من العلل . ولا معنى لتساوي نسبة الفاعل التام الفاعلية التي معه بقية أجزاء العلة التامة إلى الفعل والترك ، بل هو موجب للفعل وهذا الوجوب الغيري منته إلى الواجب بالذات ، فهو العلة الأولى للفعل ، والعلة الأولى علة للمعلول الأخير ، لأن علة علة الشئ علة لذلك الشئ . فهذه أصول ثابتة مبينة في الأبحاث السابقة . والمستفاد منها أن للفعل نسبة إلى الواجب ( تعالى ) بالإيجاد ، وإلى الإنسان مثلا بأنه فاعل مسخر هو في عين عليته معلول ، وفاعلية الواجب ( تعالى ) في طول فاعلية
[1] والمعتزلة يلقبون ب ( المفوضة ) لأنهم ذهبوا إلى أن الله فوض الأفعال إلى المخلوقين راجع عقائد الإمامية ص 65 .