بالذات ، وعلة علة الشئ علة لذلك الشئ [1] ، فما من شئ ممكن موجود سوى الواجب بالذات حتى الأفعال الاختيارية إلا وهو فعل الواجب بالذات معلول له بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط [2] . ومن طريق آخر [3] : قد تبين في مباحث العلة والمعلول [4] أن وجود المعلول بالنسبة إلى العلة وجود رابط غير مستقل متقوم بوجود العلة ، فالوجودات الإمكانية كائنة ما كانت روابط بالنسبة إلى وجود الواجب بالذات غير مستقلة منه محاطة له بمعنى ما ليس بخارج ، فما في الوجود إلا ذات واحدة مستقلة به تتقوم هذه الروابط وتستقل ، فالذوات وما لها من الصفات والأفعال أفعال له . فهو ( تعالى ) فاعل قريب لكل فعل ولفاعله ، وأما الاستقلال المترائى من كل علة إمكانية بالنسبة إلى معلولها فهو الاستقلال الواجبي الذي لا استقلال دونه بالحقيقة . ولا منافاة بين كونه ( تعالى ) فاعلا قريبا كما يفيده هذا البرهان وبين كونه فاعلا بعيدا كما يفيده البرهان السابق المبني على ترتب العلل وكون علة علة الشئ علة لذلك الشئ ، فإن لزوم البعد مقتضى إعتبار النفسية لوجود ماهيات العلل والمعلولات على ما يفيده النظر البدوي ، والقرب هو الذي يفيده النظر الدقيق [5] . ومن الواضح أن لا تدافع بين استناد الفعل إلى الفاعل الواجب بالذات والفاعل الذي هو موضوعه كالإنسان - مثلا - فإن الفاعلية طولية لا عرضية . وذهب جمع من المتكلمين - وهم المعتزلة ومن تبعهم [6] - إلى أن الأفعال
[1] راجع الفصل السادس من المرحلة الرابعة . [2] هذه طريقة طائفة من الحكماء وخواص أصحابنا الإمامية كالمحقق الطوسي في شرح رسالة مسألة العلم ، على ما في الأسفار ج 6 ص 371 وتعليقات الحكيم السبزواري عليه . [3] وهذا الطريق منسوب إلى الراسخين في العلم . راجع الأسفار ج 6 ص 372 . [4] راجع الفصل الأول من المرحلة الثامنة . [5] ولمزيد التوضيح راجع ما علق المصنف رحمه الله على الأسفار ج 6 ص 372 . [6] راجع المقالات والفرق ص 138 ، والفرق بين الفرق ص 79 ، والفصل في الملل والنحل ج 1 ص 55 - 56 ، ومقالات الإسلاميين ج 1 ص 273 وشرح المواقف ص 515 - 520 ، وشرح المقاصد ج 2 ص 126 ، وكشف المراد ص 308 - 314 ، والشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة ص 131 .