الثالث : ما ينسب إلى فرفوريوس [1] ، أن علمه ( تعالى ) بالاتحاد مع المعلوم . وفيه : أن ذلك إنما يكفي لبيان تحقق العلم ، وأن ذلك باتحاد العاقل مع المعقول لا بالعروض ونحوه ، ولا يكفي لبيان ثبوت العلم بالأشياء قبل الايجاد أو بعده . الرابع : ما ينسب إلى شيخ الاشراق [2] وتبعه جمع ممن بعده من المحققين [3] ، أن الأشياء أعم من المجردات والماديات حاضرة بوجودها العيني له ( تعالى ) غير غائبة ولا محجوبة عنه ، وهو علمه التفصيلي بالأشياء بعد الايجاد ، فله ( تعالى ) علم إجمالي بها بتبع علمه بذاته . وفيه : أولا : أن قوله : ( بحضور الماديات له ( تعالى ) ممنوع ، فالمادية لا تجامع الحضور ، على ما بين في مباحث العاقل والمعقول [4] . وثانيا : أن قصر العلم التفصيلي بالأشياء في مرتبة وجوداتها يوجب خلو الذات المتعالية الفياضة لكل كمال تفصيلي في الأشياء عن تفصيلها ، وهي وجود صرف جامع لكل كمال وجودي بنحو أعلى وأشرف . الخامس : ما ينسب إلى الملطي [5] أنه ( تعالى ) يعلم العقل الأول - وهو
[1] نسب إليه في شوارق الالهام ص 516 ، والأسفار ج 6 ص 186 ، وشرح المنظومة ص 167 . [2] واستفاده بزعمه في خلوته الذوقية عن روحانية أرسطاطاليس ، كما في التلويحات ص 70 - 74 . وراجع حكمة الاشراق ص 150 - 153 ، والمطارحات ص 488 . [3] كالمحقق الطوسي في شرح مسألة العلم ص 28 - 29 ، والعلامة الشيرازي في شرح حكمة الاشراق ص 358 - 365 ، وابن كمونة ومحمد الشهرزوري - شارحي التلويحات - على ما نقل في الأسفار ج 6 ص 181 . [4] راجع الفصل الأول من المرحلة الحادية عشرة . [5] أي تاليس الملطي ، فإنه قال : ( إن علمه بالعقل بحضور ذاته وعلمه بالأشياء زائدة عليها مطابقة لها قائمة بذات المعلول الأول لا بذاته ) . راجع الملل والنحل ج 2 ص 62 . ونسب إليه في شرح المنظومة ص 166 ، وشوارق الالهام ص 515 . وأما أنكسيمانس الملطي فقال : ( إن علمه تعالى بالأشياء إنما هو بصور زائدة على الأشياء مطابقة لها قائمة بذاته تعالى ) . كذا نقل عنه في شوارق الالهام ص 515 ، وشرح المنظومة ص 166 .