غاية الطبائع ، لفقدانها العلم [1] . وأما قولهم [2] : ( إن العلة الغائية علة فاعلية لفاعلية الفاعل ) ، فكلام لا يخلو عن مسامحة ، لأن [3] الفواعل الطبيعية لا علم لها حتى تحضرها غاياتها حضورا علميا يعطي الفاعلية للفاعل ، وأما بحسب الوجود الخارجي فالغاية مترتبة الوجود على وجود الفعل ، والفعل متأخر وجودا عن الفاعل بما هو فاعل ، فمن المستحيل أن تكون الغاية علة لفاعلية الفاعل . والفواعل العلمية غير الطبيعية إما غايتها عين فعلها والفعل معلول لفاعله ، ومن المستحيل أن يكون المعلول علة لعلته ، وإما غايتها مترتبة الوجود على فعلها متأخرة عنه ، ومن المستحيل أن تكون علة لفاعل الفعل المتقدم عليه ، وحضور الغاية حضورا علميا للفاعل قبل الفعل وجود ذهني هو أضعف من أن يكون علة لأمر خارجي وهو الفاعل بما هو فاعل . والحق - كما سيأتي تفصيله [4] - أن الفواعل العلمية بوجوداتها النوعية علل فاعلية للأفعال المرتبطة بها الموجودة لها في ذيل نوعيتها . كما أن كل نوع من الأنواع الطبيعية مبدأ فاعلي لما يوجد حولها ويصدر عنها من الأفعال ، وإذ كانت فواعل علمية ، فحصول صورة الفعل العلمية عندها شرط متمم لفاعليتها تتوقف عليه فعلية التأثير . وهذا هو المراد بكون العلة الغائية علة لفاعلية العلة الفاعلية ، وإلا فالفاعل بنوعيته علة فاعلية للأفعال الصادرة عنه القائمة به التي هي كمالات ثانية له يستكمل بها . وثالثها : أن الغاية وإن كانت بحسب النظر البدوي تارة راجعة إلى الفاعل
[1] هكذا اعترض عليه الفخر الرازي في المباحث المشرقية ج 1 ص 540 . [2] والقائل الشيخ الرئيس : فراجع النجاة ص 213 ، وشرح الإشارات ج 3 ص 15 - 16 ، والتعليقات ص 128 ، والفصل الحادي عشر من المقالة الأولى من الفن الأول من طبيعيات الشفاء . [3] هكذا اعترض عليه الفخر الرازي في المباحث المشرقية ج 1 ص 540 ، وشرحي الإشارات ج 1 ص 194 ، وأجاب عنه المحقق الطوسي في شرح الإشارات ج 3 ص 17 . [4] في الفصل الآتي .