لنفسه ، مقصود لأجله ، والفعل والغاية هناك واحد ، بمعنى أن الفعل بحقيقته التي في مرتبة وجود الفاعل غاية لنفسه التي هي الرقيقة ، لا أن الفعل علة غائية لنفسه متقدمة على نفسه ، لاستحالة علية الشئ لنفسه . فقد تبين أن لكل فاعل غاية في فعله ، وهي العلة الغائية للفعل ، وهو المطلوب . وظهر مما تقدم أمور : أحدها : أن غاية الفعل - وهي التي يتعلق بها اقتضاء الفاعل بالأصالة ولنفسه - قد تتحد مع فعله - بمعنى كون الغاية هي حقيقة الفعل المتقررة في مرتبة وجود الفاعل - ومرجعه إلى اتحاد الفاعل والغاية ، كما إذا كان فعل الفاعل موجودا مجردا في ذاته وفعله تام الفعلية في نفسه مرادا لنفسه ، وقد لا تتحد مع الفعل ، بل يختلفان ، كما فيما إذا كان الفعل من قبيل الحركات العرضية أو من الجواهر التي لها نوع تعلق بالمادة كالنفوس والصور المنطبعة في المواد ، فإن الفاعل يتوصل إلى هذا القبيل من الغايات بالتحريك ، والحركة غير مطلوبة لنفسها ، فتتحقق الحركة وتترتب عليها الغاية ، سواء كانت الغاية راجعة إلى الفاعل ، كمن يحزنه ضر ضرير فيرفعه ابتغاء للفرح ، أو راجعة إلى المادة ، كمن يتحرك إلى وضع يصلح حاله ، أو راجعة إلى غيرهما ، كمن يكرم يتيما ليفرح . وثانيها : أن الغاية معلومة للفواعل العلمية قبل الفعل وإن كانت متحققة بعده مترتبة عليه . وذلك أن هذا القبيل من الفواعل مريدة لفعلها ، والإرادة - كيفما كانت - مسبوقة بالعلم ، فإن كان هناك تحريك كانت الحركة مرادة لأجل الغاية . فالغاية مرادة للفاعل قبل الفعل وإن لم يكن هناك تحريك ، وكان الفعل هو الغاية ، فإرادته والعلم به إرادة للغاية وعلم بها . وأما قولهم [1] : ( إن الغاية قبل الفعل تصورا وبعده وجودا ) ، فإنما يتم في غير
[1] والقائل الشيخ الرئيس . فراجع الفصل الخامس من المقالة السادسة من إلهيات الشفاء ، والتعليقات ص 128 ، والنجاة ص 212 .