يقف وجود بعض أجزائه في موقف الترجيح لوجود بعض ، لكن الجميع ينتهي إلى السبب الواحد الذي لا سبب سواه ولا مرجح غيره وهو الواجب ( عز اسمه ) . فقد تحصل من جميع ما تقدم أن المعلول يجب وجوده عند وجود العلة التامة . وبعض من لم يجد بدا من إيجاب العلة التامة لمعلولها قال [1] ب : ( أن علة العالم هي إرادة الواجب دون ذاته ( تعالى ) . وهو أسخف ما قيل في هذا المقام ، فإن المراد بإرادته إن كانت هي الإرادة الذاتية كانت عين الذات وكان القول بعلية الإرادة عين القول بعلية الذات ، وهو يفرق بينهما بقبول أحدهما ورد الآخر . وإن كانت هي الإرادة الفعلية - وهي من صفات الفعل الخارجة من الذات - كانت أحد الممكنات وراء العالم ونستنتج منها وجود أحد الممكنات ، هذا . وأما مسألة وجوب وجود العلة عند وجود المعلول ، فلأنه لو لم تكن العلة واجبة الوجود عند وجود المعلول ، لكانت ممكنة ، إذ تقدير امتناعها يرتفع بأدنى توجه ، وإذ كانت ممكنة كانت جائزة العدم ، والمعلول موجود قائم الوجود بها ولازمه وجود المعلول بلا علة . فإن قلت : المعلول محتاج إلى العلة حدوثا لا بقاء ، فمن الجائز أن تنعدم العلة بعد حدوث المعلول ويبقى المعلول على حاله . قلت : هو مبني على ما ذهب إليه قوم [2] - من أن حاجة المعلول إلى العلة في الحدوث دون البقاء ، فإذا حدث المعلول بإيجاد العلة انقطعت الحاجة إليها ، ومثلوا له بالبناء والبناء ، فإن البناء علة للبناء ، فإذا بنى وقام البناء على ساق ارتفعت حاجته إلى البناء ولم يضره عدمه - . وهو مردود بأن الحاجة إلى العلة خاصة لازمة للماهية ، لإمكانها في تلبسها بالوجود أو العدم ، والماهية بإمكانها محفوظة في حالة البقاء ، كما أنها محفوظة في حالة الحدوث ، فيجب وجود العلة في حالة
[1] لم أجد قائله . [2] وهم جمهور المتكلمين ، راجع شرحي الإشارات ج 1 ص 215 ، وشرح الإشارات للمحقق الطوسي ج 3 ص 68 - 69 .