وهاهنا نكتة يجب التبيه عليها ، وهي : أنه قد تقدم في المباحث السابقة [1] أن الوجود ينقسم إلى ما في نفسه وما في غيره ، وينقسم أيضا إلى ما لنفسه وما لغيره وهو الوجود النعتي ، وتقدم أيضا [2] امتناع أن توجد ماهيتان بوجود واحد نفسي بأن يطرد وجود واحد العدم عن نفس ماهيتين متباينتين ، وهو وحدة الكثير المستحيلة عقلا . ومن هنا يتبين أن الحمل - الذي هو اتحاد المختلفين بوجه - لا يتحقق في وجود المختلفين النفسي ، وإنما يتحقق في الوجود النعتي بأن يكون أحد المختلفين ناعتا بوجوده للآخر والآخر منعوتا به . وبعبارة أخرى : أحد المختلفين هو الذات بوجوده النفسي ، والآخر هو الوصف بوجوده النفسي ، واتحادهما في الوجود النعتي الذي يعطيه الوصف للذات . وهذا معنى قول المنطقيين : ( إن القضية تنحل إلى عقدين : عقد الوضع ، ولا يعتبر فيه إلا الذات ، وما فيه من الوصف عنوان مشير إلى الذات فحسب ، وعقد الحمل ، والمعتبر فيه الوصف فقط ) [3] . وهاهنا نوع ثالث من الحمل ، يستعمله الحكيم ، مسمى بحمل الحقيقة والرقيقة ، مبني على اتحاد الموضوع والمحمول في أصل الوجود واختلافهما بالكمال والنقص ، يفيد وجود الناقص في الكامل بنحو أعلى وأشرف واشتمال المرتبة العالية الوجود على كمال ما دونها من المراتب . الفصل الرابع في انقسام الحمل إلى هو هو وذي هو ينقسم الحمل إلى حمل هو هو وحمل ذي هو . والأول : ما يثبت فيه المحمول للموضوع بلا توقف على اعتبار أمر زائد ،
[1] راجع الفصل الأول من المرحلة الثانية . [2] راجع الفصل الثالث من المرحلة الثانية . [3] راجع شرح المطالع ص 135 - 136 .