يتحقق شرط الحمل الذي هو وحدة ما مع كثرة ما ، فلم يتحقق حمل ، وإذا انقسم بأحد أنحاء القسمة بطلت هويته الواحدة وانعدم الاتصال الذي هو جهة وحدته ، فلم يتحقق شرط الحمل الذي هو كثرة ما مع وحدة ما ، فلم يتحقق حمل . فقد تبين أن بين كل متخلفين من وجه متحدين من وجه حملا إذا جامع الاتحاد الاختلاف ، لكن التعارف العامي - كما أشرنا إليه [1] - خص الحمل على موردين من الاتحاد مع الاختلاف : ( أحدهما ) : أن يتحد الموضوع والمحمول مفهوما مع اختلافهما بنوع من الاعتبار ، كالاختلاف بالإجمال والتفصيل في قولنا : ( الإنسان حيوان ناطق ) ، فإن الحد عين المحدود مفهوما وإنما يختلفان بالإجمال والتفصيل ، والاختلاف بالإبهام وغيره في قولنا : ( الإنسان حيوان ) ، فإن الجنس هو النوع مبهما ، والاختلاف بالتحصيل وغيره في قولنا : ( الإنسان ناطق ) ، فإن الفصل هو النوع محصلا - كما مر في مباحث الماهية [2] - ، وكالإختلاف بفرض الشئ مسلوبا عن نفسه فيغاير نفسه نفسه ثم يحمل على نفسه لدفع توهم المغايرة فيقال مثلا : ( الإنسان إنسان ) . ولما كان هذا الحمل ربما يعتبر في الوجود العيني كان الأصوب أن يعرف باتحاد الموضوع والمحمول ذاتا ، ويسمى هذا الحمل : ( حملا أوليا ذاتيا ) [3] . و ( ثانيهما ) : أن يختلفا مفهوما ويتحدا وجودا كما في قولنا : ( زيد إنسان ) ، وقولنا : ( القطن أبيض ) ، وقولنا : ( الضاحك متعجب ) . ويسمى هذا الحمل : ( حملا شائعا صناعيا ) [4] .
[1] في ابتداء الفصل ، حيث قال : ( وإن اختص الحمل بحسب التعارف ببعض أقسام الاتحاد ) . [2] راجع الفصل الخامس من المرحلة الخامسة . [3] سمي ذاتيا ، لكون المحمول فيه ذاتيا للموضوع ، وأوليا ، لأنه من الضروريات الأولية التي لا يتوقف التصديق بها على أزيد من تصور الموضوع والمحمول . راجع تعليقات المصنف رحمه الله على بداية الحكمة ص 101 . [4] سمي شائعا ، لأنه الشائع في المحاورات ، وصناعيا ، لأنه المعروف والمستعمل في الصناعات والعلوم ، راجع تعليقات المصنف رحمه الله على بداية الحكمة ص 102 .