الوجود عين الموجودية - بخلاف الماهية التي حيثية ذاتها غير حيثية وجودها . وأما دعوى [1] أن الموجود في عرف اللغة إنما يطلق على ما له ذات معروضة للوجود ، ولازمه أن الوجود غير موجود ، فهي على تقدير صحتها أمر راجع إلى الوضع اللغوي أو غلبة الاستعمال ، والحقائق لا تتبع استعمال الألفاظ ، وللوجود - كما تقدم [2] - حقيقة عينية نفسها ثابتة لنفسها . قال بهمنيار في التحصيل : ( وبالجملة فالوجود حقيقته أنه في الأعيان لا غير ، وكيف لا يكون في الأعيان ما هذه حقيقته ؟ ) انتهى [3] . ويندفع أيضا ما أشكل عليه [4] بأن كون الوجود موجودا بذاته يستتبع كون الوجودات الإمكانية واجبة بالذات ، لأن كون الوجود موجودا بذاته يستلزم امتناع سلبه عن ذاته ، إذ الشئ لا يسلب عن نفسه ، ولا نعني بالواجب بالذات إلا ما يمتنع عدمه لذاته . وجه الاندفاع [5] : أن الملاك في كون الشئ واجبا بالذات ليس هو كون وجوده نفس ذاته ، بل كون وجوده مقتضى ذاته من غير أن يفتقر إلى غيره ، وكل وجود إمكاني فهو في عين أنه موجود في ذاته مفتقر إلى غيره مفاض منه ، كالمعنى الحرفي الذي نفسه نفسه ، وهو مع ذلك لا يتم مفهوما إلا بالقيام بغيره . وسيجئ مزيد توضيح له في الأبحاث الآتية [6] . قال صدر المتألهين في الأسفار : ( معنى وجود الواجب بنفسه أنه مقتضى ذاته من غير احتياج إلى فاعل وقابل ، ومعنى تحقق الوجود بنفسه أنه إذا حصل ، إما بذاته كما في الواجب ، أو بفاعل لم يفتقر تحققه إلى وجود آخر يقوم به ، بخلاف
[1] لم أجد مدعيه . [2] في السطور المتقدمة حيث قال : ( إن الوجود موجود لكن بذاته ) . [3] راجع التحصيل ص 281 . [4] تعرض له صدر المتألهين في الأسفار : ج 1 ص 40 . [5] كما في الأسفار : ج 1 ص 40 - 41 . [6] راجع الفصل الأول والثاني من المرحلة الرابعة .