العاملة المحركة للعضلات ، فتحرك العضلات ، وهو الفعل . فمبادئ الفعل الإرادي فينا هي العلم والشوق والإرادة والقوة العاملة المحركة . هذا ما نجده من أنفسنا في أفعالنا الإرادية . وإمعان النظر في حال سائر الحيوان يعطي أنها كالإنسان في أفعالها الإرادية . فظهر بذلك : أولا : أن المبدأ الفاعلي لأفعال الإنسان الإرادية بما أنها كمالاتها الثانية هو الإنسان بما أنه فاعل علمي ، والعلم متمم لفاعليته ، يتميز به الكمال من غيره ، ويتبعه الشوق من غير توقف على شوق آخر أو إرادة ، وتتبعه الإرادة بالضرورة من غير توقف على إرادة أخرى وإلا لتسلسلت الإرادات . فعد الإرادة علة فاعلية للفعل [1] في غير محله . وإنما الإرادة والشوق الذي قبلها من لوازم العلم المتمم لفاعلية الفاعل . وثانيا : أن أفعال الإنسان - مما للعلم دخل في صدوره - لا تخلو من إرادة الفاعل حتى الفعل الجبري ، وسيأتي في البحث عن أقسام الفاعل ما ينفع في المقام [2] . وثالثا : أن الملاك في اختيارية الفعل تساوي نسبة الإنسان إلى الفعل والترك ، وإن كان بالنظر إليه - وهو تام الفاعلية - ضروري الفعل . ومن الكيفيات النفسانية القدرة ، وهي حالة في الحيوان ، بها يصح أن يصدر عنه الفعل إذا شاء ولا يصدر عنه إذا لم يشأ [3] . ويقابلها العجز [4] .
[1] قال الشيخ الرئيس في التعليقات ص 164 : ( والإرادة علة للكائنات ) . [2] راجع الفصل السابع من المرحلة الثامنة . [3] هذا تعريفها عند الفلاسفة . وأما المتكلمون فعرفوها بصحة الفعل ومقابله - أي الترك - ، راجع الأسفار ج 4 ص 112 و ج 6 ص 307 - 308 . [4] اعلم إنهم اختلفوا في أن التقابل بينهما هل هو تقابل الملكة والعدم أو تقابل التضاد ؟ فيه قولان : أحدهما : أن التقابل بينهما تقابل الملكة والعدم ، لأن العجز عدم القدرة ( عما من شأنه أن يكون قادرا ) ، وهذا مذهب أبي هاشم من المعتزلة ، وتبعه المحقق الطوسي في تجريد الاعتقاد ص 175 ، وراجع كشف المراد ص 250 . وثانيهما : أن التقابل بينهما تقابل التضاد . وهذا مذهب الأشاعرة وجمهور المعتزلة على ما نقل في شرح المواقف ص 299 ، وشرح المقاصد ج 1 ص 243 ، وشوارق الالهام ص 442 ، وشرح التجريد للقوشجي ص 276 ، وذهب إليه صدر المتألهين في الأسفار ج 4 ص 112 .